ataba_head

قصة وثيقة (13) عقوبات وحشية (1)

قصة وثيقة (13)

عقوبات وحشيّة (1)

الأستاذ عبد الهادي معتوق الحاتم

 

 

وثيقة مطبوعة على صفحتين تعود إلى مجموعة من الوثائق أُخرى تتعلق بذات الفترة التأريخية المذكورة فيهما وهي فترة حرب الخليج الأولى والأيام التي تلتها ؛إذ اندلعت فيها الانتفاضة الشعبانية في جنوب العراق ووسطه وشماله , ضمن القرارات التي كانت يتخذها مجلس قيادة الثورة وبإشراف مباشر من رئيسه المقبور صدام حسين . وكانت القرارات تلك ترتكز على إجراءات اجتماعية ، ثقافية ، اقتصادية بغية التعبئة الداخلية في تلك الفترة ، إذ سادت فيها عمليات الهجرة إلى الخارج وموجة الهروب من الخدمة العسكرية أو عدم الالتحاق أساساً ، أي التخلف وفق القاموس السياسي البعثي.

صدر هذا القرار المرقم 74 (1230/ش/1) بتاريخ 14 محرم 1415هـ (23/6/ 1994م) إلى الشُّعب الحزبية ومجالس الشعب في العراق، بناءً على أمر مجلس قيادة الثورة، لـ “اتخاذ الإجراءات اللازمة التي جاءت في القرار”، ومنها : قطع الأذن ، وقطع الرجلين واليدين والوشم وغيرها التي سنطلع عليها في الوثائق التالية .

في هذه الوثيقة والوثائق التي سننشرها لاحقاً سنلاحظ وحشية وهمجية العقوبات التي صدرت بتوقيع رأس النظام المقبور صدام ، وهذا ما سنلاحظه في هذه القصة :

المواطن سلمان كريم من أهالي بغداد ، قطعوا أذنه اليسرى واكتشفوا أن الأمر يقضي بقطع اليمنى فقطعوا الاثنتين ، فبعد أيام قليلة من هروبه من جيش صدام بعد أن ضاقت به الدنيا عجزاً عن القيام بأعباء معيشة العائلة أُلقي القبض عليه وساقوه إلى إحدى مستشفيات العاصمة، مقيد اليدين، معصوب العينين، حقن بمخدر موضعي ثم قطع جراح مهمل أذنه اليسرى تنفيذاً لأوامر الدكتاتور .

مشكلة سلمان لم تنته عند هذا الحد فقد اكتشف الأطباء أن الأمر الصادر لهم بقطع أذنه اليمنى وليس اليسرى، كما نفذوا! فعاد الجراح ، وخوفاً من العقوية وقطع أذن سلمان اليمنى. يقول سلمان: نقلت إلى المستشفى صباحاً واستيقظت بعد الظهر لاكتشف أني فقدت أُذنَيَّ الاثنتين، تمنيت الموت عندها وشعرت بحزن طاغ واكتئاب لا مثيل له وموجة حقد وألم.. لا أعرف كيف أصف مشاعري ساعتها، لم أعد أهتم بالحياة..

وعاد سلمان إلى الجيش ليعيش تراجيديا جديدة. فهو يتعرض على الدوام للضرب والتعذيب والسخرة الصعبة والسخرية على أيدي وألسنة بعض الجنود والضباط، حتى تم تسريحه عام 2002 تنفيذاً لقرار عفو معجزة صدر في ساعة انشراح القائد الضرورة، وأمضى أيامه في منزله يعاني من احباط شديد منعه من الخروج من منزله ومزاولة الحياة العامة، فقد تجنبه الناس ولم يرض أحد أن يستخدمه أو يوظفه ولم تقبل أية امرأة بالزواج منه واعتاد ارتداء غطاء الرأس الذي يغطي أذنيه، فيما ظل يأمل مع مرور كل يوم أن ينتهي عهد الطاغية، وأخيراً حل ذلك اليوم الذي انتهى فيه حكم الطاغية صدام .