ataba_head
banarlogo

المرجعية الدينية العليا وفريق التحقيق بجرائم داعش في العراق حكمة بوجه التطرف

المرجعية الدينية العليا وفريق التحقيق بجرائم داعش في العراق

حكمة بوجه التطرف

الأستاذ المساعد

الدكتور رائد عبيس

عضو المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف

 

 

 

اعتادَ فريقُ التّحقيق الأُممي بجرائم داعش ,منذ تشكليه أن يسترشدَ بخبرات واستشارات وتوجيهات مختلفة, كان منها القانوني ,والعلمي, والطبي, والانثروبولوجي, والعسكري, وحتى السياسي, وكل التخصصات ذات العلاقة, لبحث آلية عملية للشروع ببرامجه وجهده التحقيقي. كما اعتاد على أن يجعلَ محطة استشاراته عند السيد السيستاني عند كل تجديد ولاية عمل جديدة منذ تشكيله في قرار مجلس الأمن في9 آب 2017 وحتى 15/9/2022 وهو اليوم الذي جددت به ولايته حتى 17 أيلول 2023.

ولكن ما سبب زيارته للسيد السيستاني في كل مرة ؟ وما أهمية هذه الزيارة في نجاح مهمة الفريق ؟ وما أهميتها في مواجهة التطرف ؟

أدركت جميع الأطراف الدولية والمحلية خطورة تنظيم داعش الذي يتبنّى فكر متطرف صريح انطلق به من تكفير جميع المذاهب, والديانات, وعدها عدو له , لا سيما الطائفة الشيعية الذي صرح بهدف إبادتها, وعلى أنَّ الشّيعة هم العدو الأبرز له , فضلاً عن عدوانيته اتجاه ديانات وأقليات عرقية أخرى كالديانة الإيزيدية والمسيح وغيرهم الذي كان عداؤه لهم يندرج تحت عداء ضد الإنسانية والذي يشمل بالنهاية الجميع طبعاً.

كيف واجه رجل الدين والمرجع الأبرز للطائفة الشيعية وهو السيد علي السيستاني تطرف داعش وعدوانيتها اتجاه العراقيين الشيعة بوجه خاص والعراقيين بجميع طوائفهم بوجه عام ؟

انطلقت هذه المواجهة من دواعي شرعية, وعقلية, وحكمة ,ومسؤولية أخلاقية, وإنسانية , ووطنية , عندما صار تهديد داعش الأكيد لكل قيم ووجود المواطنين العراقيين, وكل ما انطوت عليه مخاطر قيام داعش , لم تكن دعوة هذا الرجل الحكيم بتطرف ضد تطرف, أو عدوانية بوجه كل قسوة وعدوانية داعش, ولم تكن الدعوة هي تأليب الرأي العام ضد كل ما يدعي داعش الإنتماء له أو الإدعاء أنه إلى جانبه,  بل كانت الكفاية, والاكتفائية من الدم, والدعم ,والتبرع, والمساندة, وبما يعجل ويساعد على النصر, منهج ودعوة كثيراً ما تتكررت من بيانات السيد السيستاني إلى مواجهي داعش من جميع العراقيين لا سيما الحشد الشعبي الذي تأسس على الجهد الكفائي الذي دعا له السيد السيستاني في “فتواه الحكيمة”. هذه الدقة المتناهية الحذرة في التوجيه لما يحافظ على شرعية الفتوى وأبعادها الرسالية والأخلاقية, كانت وما زالت محط تقدير واحترام عند أغلب زعماء العالم العقلانيين الذين شخصّوا الحكمة, والعدالة, والاعتدال, في خطاب وبيانات وتوجيهات السيستاني, وأهميتها في مواجهة خطر تطرف داعش والتطرف الذي نشأ جراء صعود داعش السريع,قدرت الأمم المتحدة هذا الموقف الرسالي والإنساني للسيد السيستاني والذي عكس روح الإسلام, وعدالته, وعقلانيته, في مواجهة التيارات التكفيرية المتطرفة.

لذلك كان نهج فريق التحقيق الأُممي بجرائم داعش وتحقيق العدالة, لم يقتصر على توفير الدعم اللوجستي والغطاء القانوني والسياسي لقبوله ,بل أيضا احتاج الى الدعم المعنوي, والروحي, والحكمة, والتوصية, والتوجيه, من مقام المرجعية لما لها من أثر بالغ في التأثير بجميع الأوساط, لا سيما وأن توجيهات السيد السستاني تحثّ دائماً على الإنصاف للمتضررين, وتحري الحقيقة, وتحقيق العدالة, ومسائلة مجرمي الجماعات التفكيرية داعش وغيرها, ممن ارتكب جرائم بحق العراقيين جميعاً, كانت وصايا السيد السيستاني للفريق في اللقاءات السابقة بضرورة الاهتمام بمجزرة سبايكر وتعويض أهالي الشهداء, وانصاف الضحايا, فضلاً عن جميع العراقيين الذين تضرروا جراء العمليات العسكرية , وآخر وصاياه للفريق في اللقاء الأخير يوم الاثنين الموافق 19/12/2022 كان قد طالب بتحرير النساء الإيزيديات والمسيحيات والتركمانيات اللواتي ما زالن مختطفات عند داعش في سوريا  والتحقيق في جرائم القتل, والاختطاف, والاغتصاب, وتدمير الآثار, فجرائم تنظیم داعش الدولية كانت وما زالت تهدف إلى تدمير النسيج الاجتماعي المتنوع في العراق، وتراثه الثقافي الآثاري والثري الذي أوصى به السيد كذلك.

 بهذه الروح والدعوات الإنسانية من قبل السيد السيستاني اتجاه جميع الناس ومن تضرر من أفعال الجماعات التفكيرية , تشجع الفريق على المضي بجميع أعماله مستأنساً بتوجيه وحكمة القول من قبل السيد المرجع_ لأنه يدرك بأن مهمته لن تنجح من دون قناعة السيد السيستاني بجدوى مهمة وأعمال الفريق _ وهذا ما جاء على لسان رئيس الفريق الخاص كريستيان ريتشر الذي يؤكد بأن مواجهة التطرف تحتاج إلى حكمة, وعقلانية, ووعي, وإيمان كالتي يتمتع بها السيد السيستاني.