قصة وثيقة (11)
صور صدام حسين
الباحث عبد الهادي معتوق الحاتم
وثيقتان تتكون كل واحدة منهما من صفحة واحدة ، الوثيقة الأُولى صادرة من قيادة فرع أربيل لحزب البعث العربي الإشتراكي بتاريخ 22/4/1991(بعد إجهاض الانتفاضة الشعبانية بأيام) ، رقمها التسلسلي هو 52/275 . باستثناء إملاء الفراغات المخصصة لتاريخ الإصدار والعدد بخط اليد ، فإن الوثيقة والتي تحمل توقيع ” عدنان عبد حمد الدوري ” أمين سرّ قيادة الفرع ذاتها ، مرقونة على الآلة الكاتبة على صفحة بيضاء وموجهة إلى الفرق الحزبية كافة .
أما الوثيقة الثانية فهي عبارة عن تقرير كتبه مدير مدرسة إعدادية التمريض في أربيل “تحسين رشيد ” بخط يده إلى المسؤول الحزبي الأعلى منه دون ذكر اسمه مكتفياً بــ ” المسؤول الحزبي . وجاءت البسملة على شكل ختم جاهز على رأس الصفحة وتتضمن الوثيقة فضلاً عن هذا شعار الحزب كما في جميع الوثائق الحزبية وتاريخ الإصدار الذي هو 13/شباط/1991 وإيراد بعض الأرقام والحروف بجانب البسملة وهي (م .ت . م 9/5/52/78م). ولا تبدو هذه الأخيرة رقماً تسلسلياً للوثيقة ذلك انها تختلف عن الشكل المألوف للأرقام التسلسلية في الوثائق الحزبية .
تحتوي الوثيقتان على تبليغات حزبية تتعلق بحماية صور صدام وترميم الصور التي أُتلفت في أثناء انتفاضة آذار عام 1991 . الوثيقة الأُولى هي جواب للكتاب رقم 122 الصادر بتأريخ 21/4/1991 عن دائرة الإعلام والعلاقات في محافظة أربيل ، والمعطوف على الكتاب رقم 2679 الصادر عن وزارة الداخلية بتاريخ 14/4/1991 ، ومضمونه هو: ( اتخاذ الإجراءات الجدية بشأن إعادة صور صدام إلى ما كانت عليه سابقاً وبشكل عاجل . أما الصور التي تعرضت للتلف سيطلب أما إزالتها أو صبغها بشكل سريع لحين إتمام الصور وإعادتها مثلما كانت عليه). أما الوثيقة الثانية المؤرخة 13/شباط/ 1991 ، فهي كما يظهر في تاريخ إصدارها تسبق الأُولى بحوالي (65) يوماً فيدور موضوعها حول حماية تلك الصور ويتطرق كاتب التقرير وهو رفيق حزبي كما تمت الإشارة ، يتطرق إلى زيارته إلى مستشفى الأطفال لغرض التأكد من عدد المقاتلين المكلفين بحماية صور صدام . وينقل عن مسؤول حزبي آخر اسمه ” يحيى عبود ” بأن عدد المقاتلين المكلفين بالحماية “12” مقاتلا ويقومون بواجباتهم ليلاً ونهاراً , ويذكر بأن احتياجاتهم (3) قطع سلاح فقط لغرض تعزيز الحماية.
تعود هاتان الوثيقتان إلى مجموعة وثائق أُخرى تتعلق بذات الفترة التاريخية المذكورة فيهما وهي فترة حرب الخليج الثانية والأيام التي تلتها إذ اندلعت فيها الانتفاضة الشعبية في الجنوب وكردستان تخص الوثيقة الأولى فترة بعد الانتفاضة التي حصلت فيها هجرة مليونية للناس باتجاه دول الجوار بعدما أعاد الجيش العراقي سيطرته على المدن المنتفضة وعادت بالتالي المنظمات الحزبية والأمنية إلى المدن ذاتها ,أما الثانية فهي تخص الفترة التي سبقت الانتفاضة ، أيام حرب الخليج تحديداً حيث بدأ القلق من احتجاجات شعبية ضد السلطة ظاهرا على سلوك النظام اليومي . وكان الخوف من هدم الصور والجداريات والتماثيل ورموز النظام الأُخرى أكبر من أي شيء آخر ، ذلك أن الرموز تلك كانت جزءاً لا يتجزأ من الاستبداد .
يلاحظ في هذه الوثائق بأن التخبط الذي كان يعيش النظام كان متشعباً وأصبح أداؤه بالتالي كوميدياً للغاية وإلا لماذا تكليف “12” مقاتل لحماية صور الرئيس في دائرة واحدة وهي مستشفى الأطفال في مدينة أربيل .