قصة وثيقة (10)
تعليمات
الباحث عبد الهادي معتوق الحاتم
وثيقتان مطبوعتان كل على صفحة واحدة ، لا تحملان تواريخ الإصدار والأرقام التسلسلية ، ذلك أنهما تجسدان نموذجان للعمل الأمني في مجال التحقيق , الأُولى عبارة عن استمارة فارغة، فيها جملة من الأسئلة كالـ ” الاسم الرباعي والتحصيل الدراسي والجنسية والقومية والديانة والمهنة والدخل الشهري والإنتماء السياسي والعنوان . أما الوثيقة الثانية فهي عبارة تعليمات مرافقة مع الإستمارة ذاتها مع تحديد عمل المحقق وكيفية تعبئتها .
ترجع هاتان الوثيقتان إلى جهة أمنية عليا كما يتبين في شكلهما ، وإنما تستخدمان في جميع الفروع والفرق الأمنية ويمكن ملاحظة ذلك في شرح كيفية إملاء الاستمارة من خلال التعليمات المكتوبة في الصفحة الثانية , أما مضمونهما فهو سياسي ، أي أن الإستمارة تتعلق بالتحقيق السياسي بالدرجة الأساس ، وليس للجوانب الأُخرى فيها أية أهمية باستثناء شكليات إدارية يفرضها شكل الإستمارة .
كما تمت الإشارة فإن الأسئلة هي الاسم الرباعي ” للمتهم ” وفقاً للوثيقة ولقبه والاسم الثلاثي لوالدته ، مكان وتاريخ الولادة والجنسية والحالة الزوجية والتعليم العلمي والقومية والديانة والإنتماء السياسي والعنوان والمهنة والدخل الشهري , أما التعليمات الخاصة حول كيفية إملاء الاستمارة فنذكرها كما جاءت في الوثيقة وهي :
1/تملأ الاستمارة من قبل ضابط التحقيق المختص
2/ توقع الاستمارة بعد ملئها من قبل كل من ضابط التحقيق وضابط الأحصاء بعد تدقيقها من قبل ضابط الأحصاء
3/ يملأ الحقل ( موضوع الجريمة ) بالرجوع إلى دليل موضوع الجرائم
4/في حقل (6)الحالة العلمية تذكر آخر شهادة حصل عليها المتهم
5/ يراد بالفقرة (16) الإنتماء السياسي المزدوج للمتهمين الذين ينتمون لتنظيمين في آن واحد
6/يراد بالفقرة (18) الضرر الذي لحق بأحد أفراد عائلته إن وجد ، ذكر علاقة المتهم بالمعدومين والمحكومين أو المسفرين من أفراد عائلته إن وجدوا
7/بالنسبة إلى جرائم الإنتماء السياسي للحركات والأحزاب السياسية المعادية يكون تاريخ الإنتماء المعادي هو تاريخ وقوع الجريمة بالنسبة للفقرة (19)
8/ تملأ الاستمارة بخط واضح ودقيق
لا يمكن إدراج الوثيقتين ” زمنياً على الأقل ” ضمن أية وثائق أُخرى تتعلق بالموضوع ذاته ، ذلك أنهما لا تحملان تاريخ الإصدار والرقم التسلسلي كما تمت الإشارة ، ثم أنهما تعليمات عامة حول الإنتماء السياسي لغير حزب البعث ، والذي تصنفه الوثيقة بالجريمة السياسية , أما خلفية الوثيقة ، فيمكن تحديدها في سياق طول الفترة التاريخية التي أصبح فيها العراق أسيراً لسياسة البعث . ويمكن القول بالتالي بأن أي تاريخ يقع بين (1968-2003) صالح لهذه الوثيقة .
تجسد هاتان الوثيقتان ذروة الإرهاب السياسي في عراق عهد البعث حيث أُعتبر فيها أي انتماء سياسي لغير حزب البعث جريمة قد تؤدي إلى الاعدام.