banarlogo

قصّة وثيقة (7) ترحيل عوائل مسيحية إلى إيران !

قصّة وثيقة (7)

ترحيل عوائل مسيحية إلى إيران !

الباحث : عبد الهادي معتوق الحاتم

 

 

جرائمُ البعث لا تعد ولا تُحصى، بعد سقوط هبل العراق ، لم يبادر أيُّ جهاز حكومي أو مؤسسة من المجتمع المدني لتسطير هذه الجرائم وتوثيقها وإيداعها في منظمات حقوق الإنسان أو اليونسكو لتصبح شاهداً على جرائم النظام البعثي الشمولي التي حصد أرواح أبرياء من العراقيين المسيحيين حالهم حال إخوانهم الشهداء من طوائف المجتمع العراقي كالكُرد والشيعة وغيرهم  ..

الوثيقة أدناه تتكون من صفحة واحدة مكتوبة بخط اليد على نموذج من كتاب الصادرات لحزب البعث العربي الإشتراكي / القطر العراقي / مكتب تنظيم الشمال/ قيادة فرع دهوك /قيادة شعبة سرسنك , وهو أنموذج متداول في جميع محافظات كردستان باستثناء بعض اختلافات طفيفة في شكل الحرف المستخدم للنموذج أو الفراغات المتروكة للعدد والتاريخ . كما تمت الإشارة في تقديم الوثائق الأُخرى فإن شكل الوثيقة الحالي هو المعتمد في مجمل المؤسسات الحزبية سواء في تعميمه ، أو شكل تصميمه ووضع الشعارات عليه . وتتجسد هذه الأخيرة – أي الشعارات – في (أُمة عربية واحدة ،ذات رسالة خالدة).

هذه الوثيقة الصادرة بتاريخ 4 / 9/ 1986 والمرقمة 8 / 2237 موجهة من أمين سرّ قيادة شعبة سرسنك ” آسور علي محمد ” إلى قيادات الفرق الحزبية التابعة لها كافة ، وقيادة ناحية ” زاويتة ” تحديداً . وهناك في أعلى وسط الصفحة رقم آخر للوثيقة كتب بتاريخ 6/9 ،أي بعد يومين من تاريخ إصدارها وهو الرقم التسلسلي للجهة الواردة 8 / 1078

يدورُ مضمونُ الوثيقةِ على ترحيل عوائل الهاربين من الجيش العراقي من الطّائفة المسيحية إلى إيران , وتقول الجهةُ الصّادرة في الوثيقة : يرجى التّفضل بتزويدنا بجرد مفصل لكافة الهاربين من الطّائفة المسيحية وكذلك العوائل التي التحقت بهم إلى جانب المخربين لغرض تسفيرهم إلى إيران في الآونة الأخيرة بالعنوان الكامل والوظيفة والمهنة والسكن وأي معلومات أخرى بالسرعة الممكنة.

تندرج هذه الوثيقة ضمن مجموعة وثائق لدى مديريات أمن محافظات دهوك وأربيل والسلمانية والأقضية والنواحي التابعة لها ، وفي  الفترة التاريخية نفسها  التي كانت تقتضي فيها الحرب العراقية – الإيرانية وقودا بشريا إضافيا وأصبحت موجة الهروب من طاحونة الحرب تلك سمة بارزة للحياة اليومية داخل الشريحة الشبابية, ما يمكن إستنتاجه في هذه الوثيقة وبالمقارنة مع وثائق أخرى هو أن حلول النظام لمنع موجة الهروب من الحرب تنوعت بين السجن لذوي الهاربين وملاحقتهم . وقد صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بتوقيع صدام حسين حول الموضوع ذاته بتاريخ 31 / 12/  1985 وكان مضمون القرار تفريق الهاربين من الجيش من زوجاتهم وتم تعميمه على جميع المنظمات الحزبية , يلاحظ أن صعوبة تنفيذ ذلك القرار عند المسيحيين بسبب منع الكنيسة الطلاق دفعت البعث إلى إيجاد حل آخر وهو الترحيل إلى إيران .