ataba_head

قصّة وثيقة (5) الأساليب البعثية في محاربة الطلبة غير البعثيين إبّان هيمنته على الحكم

 

قصّة وثيقة (5)

الأساليب البعثية في محاربة الطلبة غير البعثيين إبّان هيمنته على الحكم

 عبد الهادي معتوق الحاتم

 

تتكون الوثيقة أدناه من صفحتين تختلفان في تأريخهما وموضوعهما متشابه، (الأولى) جهة إصدارها هي قيادة شعبة السليمانية/ قيادة فرع السلمانية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، أما تاريخ إصدارها فهو 4/3/1989 وتحمل الرقم 47/1105. إن هذه الوثيقة الموجهة إلى قيادات الفرق الحزبية كافة ومكتب الطلبة والشباب في شعبة السليمانية تحت عنوان ” السلامة الفكرية تحمل توقيع أمين سر الشعبة ذاتها اسمه (صبحي محمد عمران) . تتضمن الوثيقة طلباً من المسؤول المذكور لإسقاط ” الطلبة المعادين للحزب والثورة “حسب تعبيره ، من الترشيح للقبول في الجامعات والمعاهد العراقية للعام الدراسي 1988-1989 . ويشمل طلب المسؤول البعثي طلاب الصفوف السادسة العلمية والأدبية والمهنية والإسلامية ويشترط في الوقت ذاته أن يكون الكتاب بثلاث نسخ وتوقع من لجنة خاصة تتكون أعضاؤه من أمين سر قيادة الفرقة وضابط أمن المنطقة وإثنان من الرفاق أعضاء قيادة الفرقة والرفيق مسؤول مكتب الطلبة والشباب. ويستنتج من خلال ملاحظة كتبت بخط اليد إلى جانب الصفات الحزبية والأمنية المذكورة بأن اسم أحد الرفاق في اللجنة هو “جبار فاضل ” .

كانت الفترة التأريخية التي صدرت فيها هذه الوثيقة من الفترات الصعبة في حياة المجتمع العراقي الذي طالما اتسمت يومياته بجرعات” فوق-إضافية ” في القمع والتدجين وإغلاق أبواب المؤسسات التربوية والتعليمية بوجه من لم يكن بعثياً . كما أن انتهاء الحرب مع إيران وعمليات الأنفال ساعد البعث في التشديد على عملية التبعيث في المؤسسات التعليمية بشكل خاص . وفي السياق ذاته ثمة وثائق أُخرى تؤكد على تركيز على الأوساط الجامعية والطلابية والشبابية في عمليات المراقبة والتحقيق ومصادرة حقوق التعليم الجامعي والمهني في أنحاء العراق .

يستنتج من خلال هذه الوثيقة بأن غاية إسقاط الطلاب كانت وسيلة أمنية وسياسية اعتمدها نظام صدام بغية صناعة المجتمع الذي طالما ابتغاه البعث كغاية ووسيلة معاً .

 

أما في الوثيقة (الثانية) ادناه التي صدرت بعنوان : (سري وشخصي ومستعجل جداً) في أثناء الحرب العراقية الايرانية (1980-1988) والتي كانت في أوجها في تلك الفترة ، اقتضت إسقاط الطلبة غير البعثيين بغية إلحاقهم بالخدمة العسكرية وزجّهم في الحرب الطاحنة تلك . مضمون الوثيقة هو تحديد الإنتماء القومي لخريجي المدارس الأعدادية والمتقدمين للقبول في الجامعات العراقية وذلك من خلال تقديم اللوائح بالأسماء إلى الجهات الأمنية قبل القبول الجامعي ووضع لون الأحمر تحت أسماء القومية الكردية والأصفر للقومية العربية والأخضر للديانة المسيحية ، أما القومية التركمانية فيذكر أزاءها ” تركماني”.

ويكتب معاون مدير الدائرة الأمنية المذكورة في ختام الوثيقة : ” على أن يردنا جوابكم صباح الغد حتماً مع إعادة القوائم إلينا بعد التأشير عليها وستتحملون مسؤولية التأشير رجاءً “ . علماً أن الوثيقة مرفقة بـ ” 92 ” نسخة من قوائم الأسماء كما تمت الإشارة لها في أسفل اليمين ، كما أن هناك إسم ضابط أمن برتبة ملازم إسمه ” ماجد منوض محمد” في الأسفل يكتب ملاحظة في تاريخ إصدار الوثيقة ، أي 14/8/1984وهي كالتالي ” لإجراء اللازم يوم غدٍ حتماً ” .