” أطفال دواعش “
التبني المبكر للتطرف
الأستاذ المساعد الدكتور رائد عبيس
جامعة الكوفة
تستغل الجماعات المتطرفة بالعادة , النوازع الذاتية المتطرفة في السلوك , والتربية , والدين , والقيم , والسياسة, والبيئة , لتشكل منها مجاميعها, مع اتباع طرق وأساليب تنظيمية خاصة , لإعداد عناصر أكثر طاعة, وقوة, واستجابة لتعليماتها. دائماً ما يكونوا الأطفال الهدف الأسهل لكل التنظيمات الإرهابية في تجنيد, وتدريب, وتأهيل عناصرهم.
الاستعدادات التكوينية للتطرف عند للأطفال, ينشأ من البيت , العائلة , المدرسة , مع سماع خطاب الكراهية, والعدائية ضد الآخرين, أو لغة الطائفية , والعنصرية المناطقية, وأساليب العزل الإجتماعي, إتجاه إنتماءات دينية, أو طائفية مجاورة, أو مختلطة. مثل هذه الاستعدادات تبقى مستبطنة في وعي الطفولة الكامن واحكامه اتجاه كل هذه القضايا.
تحرك التيارات المتطرفة مثل هذا الوعي, وتحاول أن تظهر المستبطن في الحكم العام للطفل على جميع إنتماءات هذه المفاهيم , مما تخلق لديهم سلوكا منفعلا ومتفاعلا مع خطابهم ضد مجتمع هذه الإنتماءات, بعدها تبدأ الاستعدادات لدى الطفل, بالتوجه صوب التصريح بدوافع هذا السلوك الذي لا يخلوا من عدائية وأساليب انتقامية.
وجدت داعش نماذج من هذه الطفولة , فسارعت إلى ضمهم إلى تنظيماتها, وتشكيلاتها الهرمية , ومكنتهم من تنفيذ أعمال عدائية , وأرهابية , وعنفية قاتلة , بحق كثير ممن وقعوا تحت سيطرة داعش. فضلاً عن إخضاعهم لبرامج تربوية وتعليمية , تستند إلى نفس العقيدة, لتوفر لهم تأهيل سريع يساعد على انخراطهم في العمليات العسكرية والتنفيذية والتثقيفية لعقيدة داعش , كانت خطورة هذا الأمر بائنة على كثافة تلقي أفكار داعش من قبل الأطفال , ابتداءً من الزي وحتى محاكاة السلوك, والمظهر العام , وتبني الخطاب والعقيدة, وتنفيذ أوامر سلطتهم في دولتهم المزعومة.
لا نريد أن نقول إن أغلب الأطفال الذين لديهم سلوك متطرف, كانوا قد استجابوا من تلقاء أنفسهم لمثل هذه الأفعال, وكانوا جزء من داعش من دون مساعدة أهاليهم, وأقرانهم ,وجيرانهم , ومعلميهم , ممن تأثروا بداعش واستجابوا لها بعد دخولها مناطقهم وأحياء سكناهم.
لا يقف الأمر عند ممن تفاعلوا مع داعش وكان الأطفال فيها يشكلون جزءا منهم , بل أنتج داعش “أطفال دواعش” يحملون نفس الجينات لإرهابيَّهم , من قبل من ولدنهن طوعاً أو كرهاً.
أصبحت مشكلة “أطفال داعش” , ذات اهتمام من قبل الأمم المتحدة, ومنظمة الطفولة العالمية اليونسيف , واليونسكو, ومنظمات طفولة حُقوقية عالمية, ومحلية. سواء ممن كانوا تحت سيطرتهم قبل التحرير في المحافظات العراقية , أو في معسكرات الحجز لعوائل داعش, وأطفالهم, وعناصرهم, في العراق وسوريا. وما معسكر الهول الا نموذج واحدٍ عن ذلك. يضم بداخله ” طفولة متطرفة ” وتبني مبكر للتطرف والتطرف العنيف بكل أبعاده.
التبني المتهور , أو المعتقد , أو المتماهي ,أو المسخر, أو المستجيب من قبل الأطفال لفكر داعش وعقيدته , تسبب في مقتل كثير منهم, أو عوق آخرين نتيجة اصابتهم أثناء العمليات العسكرية. وقسم كبير أيضاً كان في طريقه للسجون بعد اعتقالهم كعناصر مشاركة في عمليات داعش الإجرامية والإرهابية المتطرفة.
احتجزت السلطات العراقية, وسلطة إقليم كردستان الأطفال المشتبه في انتمائهم لداعش أو الذين يُقاتلون من أجلها عددا كبيرا من الأطفال كانت عيناته على وفق الآتي :
- 80 طفلا كان في سجن نينوى في نفس غرفة السجن مع البالغين .
- في سجون اقليم كردستان كان ما يقارب 183 طفلا , محتجزون في سجون مع النساء.
- ذكر تقرير الأمم المتحدة الصادر في آب / أغسطس 2017 أن حكومة إقليم كردستان, والحكومة العراقية تحتجز حوالي 1000 طفل ممن جندوا مع داعش ونفذوا عمليات.