banarlogo

التطرف المحلي والتطرف العابر للحدود … مسارات الولادة والانتشار

التطرف المحلي والتطرف العابر للحدود

مسارات الولادة والانتشار

الدكتور رائد عبيس

جامعة الكوفة

لجأت كثيرٌ من التقارير الدولية لدراسة موضوعة ومشكلة الإرهاب، والتطرف إلى اعتماد توصيفات، وتقسيمات، وتبويبات، لمفهوم التطرف، وما ينتج عنه من إرهاب، لمحاولة الوصول إلى تفسير دقيق لهذه الظاهرة، وتحجيم تأثيرها بين الوعي العام، والوعي المحلي، أو من العكس، لذلك نجد مفاهيم متعددة للتطرف، كان التطرف المحلي، والتطرف العابر للحدود، من أهم مفاهيمها.

التطرف المحلي؛ هو ذلك التطرف الذي ينشأ وسط ظروف اجتماعية، وسياسية، ودينية، معقدة يكون فيها الفرد ميال إلى فرض رؤيته، وأفكاره، وعقيدته، وقناعاته على الآخرين بطريق الإملاء والقوة، أو اللجوء إلى اعتماد التأثير الفكري بطريق الأدلجة وتعزيز التأثير الفكري على الأشخاص، قد تكون قضاياه محلية خالصة، ويستخدم بها تكتيكات محدودة في تنفيذ العمليات، وكسب العناصر ، وتصعيد الخطاب المتطرف، تارة بتوصيف سياسي، و اجتماعي. وتارة ديني، قد تختفي فيها الدوافع أو تكون معلنة، تبعا لسياسة الحركات المتطرفة في الشأن المحلي. وقد يتحول التطرف المحلي إلى تطرف دولي متجاوز للحدود.

يعد التطرف العابر للحدود، ظاهرة دولية، تبنت فيها الجماعات الإرهابية، الدوافع الدينية لطموحات خاصة، من خلال مجاميعها ودعوات الانخراط في انشطتها المتبناة من قبلها. سواء كانت دينية أو سياسية، إسلامية أو غير إسلامية. يتمثل أول مشاريعها في تأسيس كيان مؤسساتي، بصفة دولة، أو كيان حركي ، أو منظمات بعناوين مختلفة.

قد تكون نشأة هذا التطرف العابر للحدود، متأسسة على فكرة العبور، والتجاوز، والانتشار، والربط الكوني، مع عناصر متشابهة، ومؤيدة، ومتعاطفة، ومتفاعلة، قد سهل كل ذلك العوالم الافتراضية عبر مواقع الشبكة العنكبوتية.

 وهذا يمثل تجاوزا لكل رقعة جغرافية، وتجاوز لجغرافية الإرهاب المحلي، والعمل تحت فكرة اللامركزية التي تنطلق من تنوع مصادر المعلومة وقواعد التأثير في الأشخاص عبر العالم، وهذا ما كان مؤثراً في قناعة كثير من الناس، مما دفعهم إلى السفر لمناطق الصراع، ومواطن التطرف العنيف، في ساحات القتال، وتنفيذ العمليات، ومراكز التدريب، والاستجابة لدعوات زعامات التطرف. متجاوزين بذلك، حدود الجغرافية، والقومية، والمواطنة.