ataba_head

إرهاب القاتل المجهول من السلوك الفردي إلى تنظيم الجماعة في العراق

إرهاب القاتل المجهول

من السلوك الفردي إلى تنظيم الجماعة

في العراق

الأستاذ المساعد الدكتور

رائد عبيس

كثيرة هي الدوافع التي تصل بفردٍ ما , لفعل القتل, الذي له مبرراته عند فاعله, بغض النظر عن شرعيتها أو عدم شرعيتها بالنسبة للقتل في فعل القاتل والتي كثيراً منها تبقى مخفية ومجهولة تبعاً لمجهولية القاتل.

التاريخ تحدث عن عمليات غيلة, مجهولة الدوافع والغايات, وبقيت إلى يومنا هذا. بعيدة بعضها عن عيون الشهود, وكاميرات المراقبة, والرصد المسبق. ولعل فاعلها يحمل نزوع ذاتي بالإجرام, وسفك الدم, أو لغايات يرى شرعيتها ومسؤولية تبريرها.

القتل المجهول : هو عملية تصفية جسدية لإنسان ما , قد يكون فعل القتل فيها مقصود أو غير مقصود , تبعاً لدوافع فردية خاصة, أو دوافع جماعية, قد ينفذها شخص مجهول, أو جماعة مجهولة.

أهداف القتل المجهول: في مجتمع مثل المجتمع العراقي , قد تكون الأهداف عديدة, ومتنوعة, ومختلفة الدوافع, منها :

  • قد يكون قضايا ثأر , فردي انتقامي, أو ثأر اجتماعي قبلي.
  • قد يكون فعلا عبثيا, مثل: في حالات الرمي العشوائي, بصراع اجتماعي , أو مناسبات الفرح والحزن, وقد تقع به أحداث فعل قتل متعمد تحت عنوان : “القاتل المجهول”.
  • قد يكون قضايا شرف “غسل عار” وفي الغالب ما تقع ضحيته النساء.
  • كثرت مثل هذه الحالات في التصفيات السياسية “مجهولة الفاعل” بحق الخصوم.
  • أو حادثة نهب, وتسليب, وسرقة.
  • وقد تكون بهدف إثارة الرعب في نفوس الناس , وإخافتهم, وزعزعة الاستقرار, وقد تحدث مثل هذه الحالات في الدوافع السياسية والأمنية.
  • قد تحدث مثل: هذه الحالات بسبب دوافع مرضية سايكولوجية.
  • قد تكون بدوافع دينية , مثل : أحكام الردة, والتكفير, وغيرها.
  • قد تحدث بسبب عوامل قومية, مذهبية, اجتماعية, واقتصادية.
  • وقد تتعدد عوامل “القتل الجهول” وتزداد تبعاً لضعف القانون.

مر العراق بظروف سياسية قاسية , تسببت بانفلات أمني , ومشاكل اجتماعية كثيرة, زادت من حالات “القتل المجهول”, مما أثارت مخاوف الناس بشكل كبير , ومخاوف المنظمات الحقوقية المحلية والأممية.

وقد رصدت ووثقت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة للعراق / المفوضية السامية لحقوق الإنسان عددًا كبيرًا من انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها الجناة المجهولون تمتد من (2003- 2014) بمختلف العوامل الظرفية التي توحي بمسؤولية جهات معينة ، ومع ذلك كانت غير كاف لتبرير إسناد ثابت.

ما رصدته البعثة من حالات “القتل المجهول” الذي تسبب في وقوع ما لا يقل عن 1،871 قتيلاً ,وشكل هذا العدد 59 في المائة من جميع الضحايا خلال الفترة المشمولة بالتقرير. بغداد كانت الأسوأ بين المحافظات المتضررة بعدد (1،481) قتيل وهذا يمثل نسبة 86 من الضحايا إلى جناة مجهولين. تميل تكتيكات الجناة إلى استخدام مجموعة متنوعة من الأجهزة المتفجرة المرتجلة (IEDs) ، وغالبًا ما يتم تفجيرها في الأماكن العامة, أو في الأماكن التي يوجد فيها مدنيون, أو عمليات قتل جماعي (تفجيرات ، إطلاق نار ، اختطاف). وغيرها من عمليات القتل غير المشروع , استمر تسجيل أعمال القتل غير المشروع بأعداد كبيرة. قد تفوق ما ذكر أعلاه من أرقام كحالات مسجلة ومعروفة.

 تم تضمين الأفراد المستهدفين من البرلمانيين, والزعماء القبليين, ورجال دين, وقضاة , وغيرهم من المسؤولين الحكوميين. وكثير من الأفراد يتم استهدافهم بالقتل في أحيائهم ومناطق سكناهم, أو في الطرق الخارجية  أو أماكن عملهم.

من أمثلة الحالات المرصودة :

  • في 12 كانون الأول (ديسمبر) ، كان أربعة أعضاء من مجلس مدينة خان بني سعد ، بمن فيهم رئيس البلدية

اختطفوا في بغداد ونقلوا إلى مكان مجهول. في 16 ديسمبر ، عثرت الشرطة العراقية على جثة رئيس البلدية ورجل آخر في الحسينية شمال بغداد. كلاهما مصاب بعيار ناري.

  • بتاريخ 19 كانون الثاني ، تم استهداف ثلاثة من موظفي وزارة النفط في التاجي شمال بغداد بنيران الأسلحة الصغيرة. وقتل أحدهم.
  • في 25 آذار / مارس ، إطلاق نار على مسؤول بمديرية الجريمة المنظمة بوزارة الداخلية, استشهد في منزله في البلديات شرقي بغداد برصاص مسلحين يرتدون زيا عسكرياً.
  • وفي البصرة ، قتل مسلحون مجهولون ، في 3 شباط / فبراير ، امرأة تبلغ من العمر 30 عاماً في قرية الناصر بمديرية الدير شمالي البصرة. أصيبت الضحية برصاصة في ظهرها ثلاث مرات وتوفيت, وبحسب ما ورد كان الهجوم جريمة شرف.
  • وفي 17 نيسان / أبريل ، قُتل شيخ من قبيلة الغانم برصاصة أمام منزله في قرية السنكار التابعة لناحية أبو الخصيب. الشيخ كان عضواً بارزاً في المجتمع ، وورد أنه خدم في أجهزة المخابرات أثناء نظام صدام حسين.
  • في ديالى ، في 3 يناير ، ورد أن مسلحين اقتحموا قرية زاغينيا وقتلوا 11 مدنياً بالرصاص.
  • في 18 مارس ، قُتل رئيس محكمة الخالص وحارسه الشخصي بالرصاص على الطريق الرئيس بين الخالص وبعقوبة قرب قرية أسود.
  • وفي 20 أبريل ، كان مسلحون مجهولون يستقلون مركبات وبحسب ما ورد أطلقوا النار على المدنيين في مناطق متفرقة من ناحية بلدروز ، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص.
  • الهجوم على سوق عام في منطقة المسعودية ، أسفر عن مقتل ثلاثة من المدنيين.
  • الهجوم على منطقة سكنية قرب مسجد أبو أيوب الأنصاري في بلدروز ، قتل شقيقان أحدهما مؤذن في المسجد.
  • في كركوك ، في 23 كانون الأول ، استشهد رئيس وحدة مكافحة الإرهاب بالشرطة أثناء العودة إلى المنزل من العمل.
  • في 28 كانون الأول ، قتل زعيم مجتمعي وعضو في مجلس السياسة العربية, في منزله بمدينة كركوك من قبل مسلحين يرتدون زيا عسكريا.
  • وفي صلاح الدين ، في 18 فبراير / شباط ، قُتل إمام جامع ومدني آخر بالرصاص واستشهد في حي العسكري بناحية طوز شرق تكريت.
  • تم انتشال عدد كبير من الجثث مجهولة الهوية يومياً خلال الفترة المشمولة بالتقرير, بسبب “القاتل المجهول”.

في كثير من الحالات ، لا يمكن للتحقيقات الكشف عن هوية أو معلومات عن الضحايا آخرين. جثث غالبًا ما كانت تحمل إصابات بأعيرة نارية ، وفي بعض الأحيان يتم العثور عليها معصوب العينين أو مقيدين أو آثار معاملة سيئة أو تعذيب. ووثقت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة للعراق / المفوضية السامية لحقوق الإنسان (421) جثث مجهولة الهوية خلال الفترة المشمولة بالتقرير. ومع ذلك لم تتمكن من التحقق من عدد كبير من الضحايا . ومن بين هذه الجثث ، تم انتشال 317 جثة (75 بالمائة) في بغداد. كانت غالبية الجثث المجهولة من الرجال ، بينما كانت هناك جثث من النساء والأطفال أيضاً.

من أمثلتها :

  • في بغداد ، في 24 كانون الثاني (يناير) ، تم العثور على جثتي امرأتين مصابتين بأعيرة في الرأس والصدر في الدورة جنوب بغداد.
  • وفي نفس اليوم في مديرية طوز التابعة لصلاح الدين ، تم العثور على جثتي طفلين في السابعة والتاسعة من العمر ، مصابين بطلقات نارية أيضاً ، بالقرب من منزل على ضفاف النهر المعروف محليًا باسم “المشروع”.

كثيرة هي عمليات الإرهاب , والقتل المتطرف من قبل ” القاتل المجهول ” بعضها يدخل بعنوان الخطف , أو الفقدان , أو القتل المباشر. أو القتل بالتعذيب. وقد تسببت مثل هذه الحالات على تفكيك البنية الاجتماعية, كان بسببها التهجير , و الهجرة , والخروج من المدن التي تكثر بها مثل هذه الحالات. وحالات اليتم , والطلاق , والترمل , والعنوسة, والتفكك الأسري. فضلاً عن أهلية مثل هذه المدن التي تكثر بها هذه الحالات إلى احتضان المتطرفين وتكوين مجاميع قاتلة. ودليل ذلك قيام داعش باستقطاب أهم القتلة وضمهم إلى صفوفه , وتسخير تلك المجاميع القاتلة لتنفيذ كثير من عملياتهم.