جهاز حُنين
نواة تصفية المعارضين لسلطة حزب البعث
م. م محمد الخزاعي
من المعلوم أنَّ الأحزاب الدكتاتورية , والتي تتخذ طريق الحديد والنار في سبيل الوصول إلى السلطة غالبا ما تسعى إلى تأسيس كيانات أمنية سرية , تحافظ فيها على أمنها من جهة , و تقضي على المعارضين لها من جهة أُخرى عبر اختيار أعتى المجرمين وأكثرهم قسوة في إدارة هذه الأجهزة.
وهذا ما حصل مع حزب البعث العراقي البائد , فهذا الحزبُ الذي نشأ وأُسِّس على وفق ظروف سياسيّة واجتماعيّة خاصّة كانت تحيطُ بالمنطقة العربية بصورةٍ عامّة والعراق بصورة خاصة , لم يتوقف عند استغلال تعاطف الناس مع الحركات القومية التي كانت ترفعُ شعاراتٍ وحدوية ضد الاستعمار , بل تمادى إلى تأسيس جهاز أمنيٍّ سريٍّ يصفي من خلاله معارضيه عُرِف بجهاز “حُنين”.
لا نتوقفُ كثيرا عند اختيار الاسم الذي هو واضح أهه يأتي ضمن سياسة البروباغندا السياسية تهدف إلى استعطاف الجماهير الشعبية , فإنَّ اللافت للنظر أنَّ الذي أُنيطت به مهمة تأسيس وإدارة هذا الجهاز هو صدام حسين التكريتي الذي كان وقتها شابا ضمن كوادر حزب البعث لم يتجاوز عمره الــ 27 عامّا.
إلا أنَّ اختياره لم يكن اعتباطا أو سهواً , فشخصية هذا الرجل بتأريخها الدموي كانت تلبي طموحات قادة حزب البعث وقتها في الإطاحة بالمعارضين لسلطتها والقضاء عليهم.
فتولى صدام التكريتي رئاسة هذا التنظيم السري داخل حزب البعث في عام 1964، إبّان استبعاد حزب البعث البائد من السلطة على يد القوميين رفاق عبد السلام عارف الذي انقلب عليهم وأسس فريقاً مصغرا ضمَّ أعتى مجرمي الحزب وقتها ,واقتصر بداية على أقربائه الذين كانت يتشاطر معهم أسراره وتفاصيل عملياته والتخطيط المباشر لنشاطاته , أبرزهم سعدون شاكر , ، وناظم كزار،وبرزان إبراهيم شقيق صدام , وسمير الشيخلي وصباح مرزا وفاضل البراك، المعروفون بقساوتهم وشقاوتهم وعنفهم الدموي , فكان الهدف المركزي الذي يتمحور حوله نشاط هذا التنظيم السري بدايةً هو استرجاع السلطة التي سلبها منهم الرئيس عبد السلام عارف بعد أن نصبوه رئيساً للجمهورية وبأي ثمن عقب الانقلاب على عبد الكريم قاسم.
فبقي هذا التنظيم السري يمارسُ نشاطاته السرية حتى تسلَّم البعثيون السلطة سنة 1968، لتبدأ مرحلة جديدة من هذا التنظيم في تصفية المعارضين بعد أن حوّل قصر الرحاب إلى مسلخ للتعذيب والقتل تحت اسم “قصر النهاية” الذي أداره ناظم كزار وسعدون شاكر، لتصفية العراقيين تحت تهمة “أعداء الحزب والثورة”.
فكان هذا الجهاز هو النواة لتأسيس كثير من الأجهزة القمعية في سلطة البعث من أجهزة مخابرات , وأجهزة الأمن العامة وفرق الاغتيالات السياسية.