ataba_head

قصّة وثيقة (3) الأنفال في وثائق البعث – قطع الرؤوس

قصّة وثيقة (3)

الأنفال في وثائق البعث – قطع الرؤوس

 

الباحث : عبد الهادي معتوق الحاتم

 

 

 

 

تتكون هذه الوثيقة من صفحةٍ واحدةٍ مرقونة على نموذج من كتابِ الصادرات لقيادة مكتب تنظيم الشمال لحزب البعث العربي الإشتراكي / القطر العراقي بتوقيع سكرتير لجنة شؤون الشمال “طاهر توفيق “. وهي بمجملها من الوثائق التي تحمل شعار الحزب (أمة عربية واحدة ، ذات رسالة خالدة) وتبدأ بعبارة ” سري وشخصي “. فضلاً عن انها موجهة إلى قيادة الفيلق الأول للجيش فإن نسخة منها موجهة إلى جهة أُخرى وهي قيادة فرع الرشيد العسكري لمديرية الإستخبارات العسكرية العامة .

تحتوي هذه الوثيقة الصادرة بتاريخ 12/ 7 / 1986 والمدونة تحت الرقم “5083” ضمن الأرقام التسلسلية لإصدارات مكتب سكرتارية مكتب تنظيم الشمال لحزب البعث ، تحتوي على تعليق من علي حسن المجيد مسؤول مكتب تنظيم الشمال حينئذ على كتاب سري وشخصي مرقم بــ ” 305″ من قيادة الفيلق الأول للجيش العراقي بتاريخ 8/7/1986 إلى المكتب المذكور . لا تشير الوثيقة إلى مضمون رسالة الفيلق الأول ، وإنما توحي لها من خلال تعليق علي حسن مجيد إذ يقول : (ليس لدينا اعتراض على قطع رؤوس الخونة ولكن كان الأفضل إرسالهم إلى الأمن للتحقيق معهم أيضاً ” فلربما يجدون لديهم أمورا” أخرى يستفاد منها قبل إعدامهم).

نستنتج هنا بأن مضمون رسالة الفيلق الأول كان يتعلق بكيفية التعامل مع البيشمركة والمعارضين الذين بقوا في المناطق التي تعرضت للأنفال وقُرر إخلائها من السكان.

هذه الوثيقة هي واحدة من تلك الوثائق التي صدرت من الجهة ذاتها ، أي مكتب تنظيم الشمال لحزب البعث ، وتتشعب جميعها بين هدم القرى والمراقبة ومنع نقل المواد الغذائية وتشديد نقاط السيطرة والقتل والهجوم العسكري على القرى وزج الناس في المجمعات القسرية …إلخ .

يلاحظ أن جميع هذه الوثائق تعود إلى عامي 1987 و1988 و1989 أي قبل وفي أثناء وبعد الأنفال.

ففي تلك الفترة إذ كان علي حسن المجيد المعروف بـــ ” علي كيمياوي” يملك صلاحيات مطلقة في كردستان العراق بعدما نصبه صدام مسؤولاً مباشراً على عمليات الأنفال ، تم دمج عمل جميع المؤسسات الحزبية والأمنية والمخابراتية والعسكرية عمليات التصفية والتجميع والقرار الأخير كان يرجع لعلي كيمياوي.

وفي ذات السياق أصبح ذبح المقاتلين والهاربين وجلب رؤوسهم إلى الدوائر الأمنية أسلوباً من أساليب النظام الدكتاتوري آنذاك ، إذ كان يعفي أي معارض إن قتل واحداً من رفاقه وجلب رأسه للدائرة الأمنية المسؤولة عن الرقعة الجغرافية التي كان يتواجد فيها .

نستنتج من هذه الوثيقة بأن القتل ووسائله المبتكرة ضد المعارضين إبّان حكم صام كان إجراء روتينياً وصار جزءاً من طبيعة نظامه . وكانت كردستان مجالاً مفتوحاً لمثل تلك الممارسات التي جسدت ذروة القسوة والتنكيل بحق المعارضين من جهة والهاربين من جحيم الحرب من جهة ثانية .