banarlogo

البعث وزيارة الأربعين.. معادلة الهزيمة والانتصار

 

البعث وزيارة الأربعين… معادلة العظيمة والانتصار

 

أ.د حسين  الزبادي

جامعة ذي قار

 

 

 

 

 

 

الحسين (عليه السلام) كابوس يقض مضاجع الطغاة وينغص عليهم حياتهم، لأنهم يدركون أن نهضة الحسين (عليه السلام) نبراس التحرر من العبودية وثورة ضد الظلم والطغيان، فضلاً عن كونها ثورة إصلاحيّة من أجل الدفاع عن قيم الدين و ثوابته ولم تكن في يوم من الأيام انقلابيّة نفعية، وفيها استنهاض للهمم ورفض لسياسة القمع، لذا كانت أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) هدفا للطغاة على امتداد المراحل الزمنية، ولم نر على مر الدهور طاغوتاً حارب تلك المسيرة كما حاربها نظام البعث المقيت, فقد كانت الفترة منذ عام 1968 وإلى شهر نيسان من عام 2003 الأشد قسوة على عشاق أهل بيت النبوة في العراق ، إذ عمل البعث بكل جهده من أجل اسدال الستار على تلك المسيرة الخالدة، فقد أدرك البعث خطورة أربعينية الإمام الحسين(عليه السلام) ، لأن شعاراتها تهدد كيانه، ولو سمح للمواكب الحسينية بالظهور، فإن الثورة قادمة لامحالة لتزيله من الوجود، فهي تعبأ الجماهير وتبعث فيهم روح الانتفاضة، بل حتى القصائد الحسينية التي تلقى خلال الأربعينية تظهر مشبعة بأبيات الشعر الرافضة للظلم، والداعية للخروج على الظالمين، لذا شن البعث حرباً شعواء على هذه الشعيرة، واعتبر المشاركة فيها جريمة عظمى، عقوبتها تصل الى الإعدام أو السجن المؤبد، كما انه استعمل كافة الوسائل وابتكر طرقاً جديدة نذكر منها :-
1- تعرض زوار الأربعينية إلى أبشع أنواع التعذيب والقتل وكانت حكومة البعث وبالخصوص في زيارة الأربعين تستنفر جميع قواتها وتوجهها إلى كربلاء وتنشرها على الطرق المؤدية للمدينة وكأنها دخلت في حرب ضروس، ترافقها حملات اعتقال وتعذيب عشوائية ومضايقات جمة إلا أن جميع تلك الممارسات والمحاولات باءت بالفشل كذلك.
2- ابتكر البعث في أواخر أيامه ظاهرة الاعراس الجماعية في العشرين من شهر صفر، في مسعى منه لإسقاط هيبة مراسيم زيارة الأربعين.
3- شدد البعث من مسألة التغيب من الدوام الرسمي في جميع المؤسسات المدنية والدوائر الخدمية والمدارس والمعاهد والجامعات خلال الزيارة الأربعينية، وشكل لجان امنية لمتابعة المتغيبين وبيان أسباب ذلك في محاولة منه لتحجيم هذه الشعيرة إلى أدنى حدودها.
4- اطلاق الاشاعات المغرضة، ففي شباط عام 1977 عندما كان الآلاف يتجمهرون حول العتبتين الحسينية والعباسية المقدستين، أشاعت قوات الأمن أنباء عن وجود قنبلة موقوتة داخل ضريح الإمام الحسين عليه السلام، وهنا استغلت القوات الأمنية الفرصة وقامت بإلقاء القبض على مجاميع كبيرة من الشباب المؤمن وتم نقلهم إلى المعتقلات .

5- كان طريق زيارة الأربعين محفوفا بالمخاطر التي تجلت واضحة في قمع سلطة النظام السابق للزائرين، فقد كانت قوات الأمن تستنفذ كل قواها خلال الزيارة الأربعينية فتعتقل على الريبة والشك.

6- من الأساليب الدنيئة لمحاربة الزيارة الأربعينية اشاعة ظاهرة المسير إلى رأس السلطة الحاكمة في بغداد لتكون هذه الظاهرة نداً لزيارة الاربعين، فبدأ أعوان النظام السير من مختلف المحافظات باتجاه العاصمة بغداد .

7- التعهد الخطي من أعوان البعث بعدم زيارة الأربعين ومنع الأهل والأقارب من ذلك.

8- هناك إهمال إعلامي متعمد لإخفاء كل ما يتعلق بهذه الشعيرة، وربما استحدث نظام البعث بعض الاحداث للتغطية على زخم هذه الشعيرة وأعداد الزائرين.

9- منع المواكب الحسينية من تقديم خدماتها للزائرين، فضلاً عن العقبات التي كانت تصطنعها سلطة البعث في مجال توفير وسائل النقل ومنع خطوط النقل من العمل على خط كربلاء خلال مدة الشعيرة.

 

إن بركات أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) والفيوضات الإلهية التي اقترنت بها أسهمت بوضوح في بيان زيف الأنظمة القمعية بل ومهدت الأرضية للقضاء على الأنظمة الفاسدة بعد أن كشفت عن ظلالة شعاراتهم وهذا ماتحقق بشكل فعلي خلال حقبة البعث، فتجدد الانتصار الحسيني واندحر الطاغوت.