في الذكرى34 لــ (خاتمة الأنفال) المرحلة الثامنة لعمليات الأنفال سيئة الصيت
فؤاد عثمان / كاتب صحفي
يصادف يوم 25/8/2022 الذكرى السنوية 34 لخاتمة عمليات الأنفال سيئة الصيت، التي طالت منطقة بادينان،وهي تعدُّ أشرس عملية إبادة جماعية للشعب الكردستاني, نفذها النظام المقبور ضمن خطة الإبادة في اطار برنامج محو الشعب الكردستاني عن الوجود و مسح هويته القومية.
المرحلة الثامنة لعمليات الأنفال امتداد لمراحل أو عمليات الأنفال التي بدأت بالمرحلة الأولى في كرميان و مرورا بالعمليات الثانية وحتى السابعة وصولا إلى هذه المرحلة والتي شملت كافة أراضي كردستان , بدأت المرحلة الثامنة في 25 / 8/ /1988 و استمرت لغاية 6 / 9 / 1988م وشملت كافة مناطق محافظة دهوك.
بعد انتهاء الحرب مع إيران جمع النظام البعثي ما تبقى من قواته المنهارة لشن هجوم مباغت بهدف إبادة الشعب الكردستاني و تنفيذا لمخططاته الشوفينية حيث استخدم هذه القوات لتنفيذ عمليات الأنفال في مرحلتها الثمانية بإشراف المجرم على حسن المجيد و بقيادة سلطان هاشم وزير الدفاع و استخدم الأسلحة الفتاكة و الكيمياوية
لم يستهدف النظام الدموي في عمليات الأنفال الثامنة الإنسان في منطقة بادينان فحسب , بل استهدف البنية الاجتماعية والاقتصادية وذلك بهدم القرى و حرق البساتين و هدم ينابيع المياه و قتل مئات من الحيوانات البرية والداجنة و هدم العشرات من بيوت العبادة والمعابد والمساجد و المدارس.
راحت ضحية عملية الأنفال الثامنة اكثر من 5الاف مواطن عزل من أهالي بادينان وتم خلالها هدم 663 قرية و سوية مع الأرض ولم يبق منها إلا الأطلال و تعرضت أكثر من 65 قرية للقصف الكمياوي وتشرد 60ألف مواطن , تاركين موطن آبائهم و لجأوا إلى تركيا و إيران حيث توفي عدد كبير منهم في ظروف حياتية صعبة و مشقة الوصول إلى الحدود، ناهيك عن إسكان 40 ألف مواطن في المجمعات القصرية قرب أربيل في عيش لا يحسد عليه، لا ينسى أهالي أربيل مشاهد مبكية و مأساوية للعوائل التي نقلوا من أوطانهم في بادينان و وضعوا في أرض يابسة و جرداء في منطقة برحوشتر و جزينكان في ظروف، قل أن يتحملها الإنسان حيث حرارة الصيف الحارق و الجوع والعطش و انعدام المأوى كان سمة عيش هؤلاء أنذاك حيث مات عدد منهم جراء عدم تحمّل مشقة هذا العيش الذي فرض عليهم، عندما نتحدث عن هذه المأساة التي عاشها هؤلاء جراء عمليات الأنفال في بادينان لابد لنا أن نثمّن الكرم والشهامة لأهالي أربيل حيث انجدوا أخوانهم و قدّموا لهم المساعدات وقاموا بكرم الضيافة و فتحوا لإخوانهم الحضن الدافئ.
لشدة مأساة عمليات الأنفال في المرحلة الثامنة و مشاهدها المحزنة، جمع الكاتب محمد أمين ميرزا جملة من قصص و روايات عن ضحايا هذه العملية تحت عنوان ( رحلة الأحزان شاهد عيان على أنفال بادينان و أوضاع اللاجئين في مخيم ديار بكر , يروي ميرزا مشاهد و قصص تشقعر لها الأبدان بسماعها.
في عمليات الأنفال الثامنة عدد كبير من الضحايا لا زال مصير أكثرهم مجهول ولم يتم حتى الآن الكشف عن المقابر الجماعية التي تحوي على ضحايا بادينان سوى ما تم كشفها لضحايا البارزانيين وتم إعادة قرابة 690 رفاة وهذا العدد قليل لو قارنّاه بعدد ضحايا هذه العمليات عليه يجب على الجهات المعنية السعي من أجل الكشف عن مصير المفقودين الآخرين و إعادة رفاتهم إلى أرض كردستان.
في هذه الذكرى الأليمة على قلوبنا جميعا على الحكومة العراقية كوريث للنظام السابق أن تتحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية لتعويض الضحايا استنادا على نص قرار المحكمة الجنائية العراقية العليا التي اعتبرت عمليات الأنفال إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.
عندما شنَّ النظام الدموي حملاته ضد شعبنا غض العالم بصره دون أن يحرك ساكنا سوى عدد قليل من المنظمات الدولية و صديقة شعبنا و مساند له المرحومة دانيال ميتران التي قدمت مساعدات للنازحين في مخيمات بتركيا ورفعت صوتها عاليا ضد هذه الجرائم حيث يدين لها شعبنا بالجميل، لذا على المنظمات الدولية العاملة في الإقليم و ممثلي الدول العمل من أجل تعريف هذه الجريمة كإبادة جماعية و تدويلها تعويضا منهم للسكوت التي اختاروه حفاظا على مصالحهم مع طاغية صدام كما و على المجتمع الدولي مساعدة إقليم كردستان في تقديم الشركات التي ساندت النظام الصدامي لحصوله على المواد الكمياوية التي استخدمته لإبادة شعبنا لمحاكم دولية.
جدير بالذكر أن عمليات الأنفال هي إحدى عمليات الإبادة الجماعية التي قام بها النظام العراقي السابق وخلال 8 مراحل سنة 1988 وطالت كافة مناطق كردستان بدأ بكرميات وخاتمتها كان بمنطقة بادينان واستمرت هذه العمليات قرابة 8 أشهر وراح ضحيتها أكثر من 182 ألف مواطن عزل لا زال مصير أكثرهم مجهول عدا كشف و إعادة عدد قليل منهم في مقابر جماعية غرب و جنوب العراق.
وسميت عمليات الأنفال نسبة إلى سورة رقم 8 في القرآن الكريم
تحية إجلال و إكرام للأرواح الطاهرة لشهداء أنفال بادينان و شهداء المراحل السابقة وكل شهداء كردستان.