ataba_head

منهجية فريق التحقيق الأممي بجرائم داعش في جمع الأدلة المستندية والرقمية /3

منهجية فريق التحقيق الأممي بجرائم داعش في جمع الأدلة المستندية والرقمية /3

الأستاذ المساعد الدكتور رائد عبيس

جامعة الكوفة

 

 

كانت المخاطر المتوقعة من وجود فلول داعش الإرهابي، وخلاياه النائمة، والمحاذير من حواضنه، مصدر قلق لفريق التحقيق الأممي، ومعوق كبير في تعقب كل دليل يمكن أن يسهم في ما يتطلع إليه الفريق بعملية الرصد، والجمع للأدلة.

 استخدم كيان داعش، طائفة واسعة من الأدوات التكنولوجيا، وتقنية المعلومات، والشبكة العنكبوتية، ومواقع التواصل الاجتماعي، وأبرزها توتير،  واليوتيوب, وأجهزة التواصل الخلوي، المحلية والدولية، وكان يمتلك منظومة قوية من  حزمة التقنيات المعلوماتية بشكل عام، استخدمها لتسريع انتشار عقيدته، وأثارت الرعب لكلِّ الأنظمة والمجتمعات التي تواجد فيها، والتي يفكر أن يسيطر عليها ،  لا يخفى أن موارد الدعم الفنية والتكنلوجية لتنظيم داعش، كانت كبيرة، وهذا بين من خلال المساحة الواسعة التي منحت له في العالم السيبراني وفضائه, ولكن بقدر ما خدمت داعش إبَّان ظهوره، وحركته، وحروبه، لاسيما في الشام، والعراق، بقدر ما كانت عامل مساعد لتتبع، كل ما يكمن أن يدينه، ويحفظ جرائمه المعلنة وغير المعلنة، كدلائل قاطعة عن كل ما ارتكب، وقد تمَّ العثور على غير المعلن من تلك الجرائم، بتسحيلات صوتية محفوظة، أو تسجيل المكالمات، أو تسجيلات الفيديو، أو التصوير، وعثر على بعضها في سيرفرات منظومة داعش الإلكترونية، أو من خلال ما حفظ في هواتفهم المحمولة، أو أفلام الكاميرات، أو الحواسيب المحمولة، أو المكتبية، أو الهاردات, والأقراص مدمجة وغيرها. فضلاً عن ما كان يحمل عبر مواقعهم الإلكترونية، وينشر  فيها.

كل ما تقدم كان مثار اهتمام للفريق، ومتابعة، إلى جانب ما كان غير معلن، أو غير متوفر من أدلة تبعاً لنوع الجريمة التي كان داعش يتستر على بعض منها, وبالتأكيد كان جزءا كبيرا من هذه الأدلة التي يبحث عنها الفريق، متوفر في أيادٍ متعددة، بعضها عند أفراد، وبعضها عند مؤسسات، وبعضها عند الأجهزة الأمنية، وبعضها عند القضاء، وبعضها عند الأهالي، وبعضها عند الحشد الشعبي، وبعضها عند وزارة الدفاع، أو وزارة الداخلية، أو وزارة العدل، وبعضها عند منظمات دولية، أو حكومات ودول.

كانت مهمة الفريق الأساس ومنهجيته، هي جمع ما يتوفر لديها من أدلة ورقية أو رقمية تعزز، قرارات الإدانة، وتساعد في اختبار التوصيف المناسب لنوع الجريمة، هل هي جرائم إبادة؟  أو جرائم ضد الإنسانية؟  أو جريمة حرب؟ هذا المسعى دفع الفريق إلى اعتماد منهجية دقيقة لإدارة المعلومات، تبعاً لخصوصية الحالة العراقية من جانب، والتزاما مع معايير الأمم المتحدة في تصنيف الوثائق، وكيفية تداولها من يد الجهات الرسمية إلى يد فريق التحقيق، ومتى تكسب عندهم هذه الوثائق صفة السرية والخصوصية؟ احتاج الفريق لذلك نظام تشغيلي خاص بتصنيف الوثائق وتحليلها رقميا، استعان بخبراء وثائق، واستشاريين معلوماتيين، عمق معهم المناقشات للوصول إلى تدبير منظم ومقنع لجميع الأطراف، حتى يتسنى تبادل كل الأدلة باطمئنان وحرص، وعلى وفق سياقاتها القانونية التي اضطرَّ  بها الفريق إلى توقيع مذكرات تعاون، واتفاقات،  بين جهات رسمية حكومية، و منظمات غير حكومية، بغية نقل، وتداول، آمن لجميع الدلائل المتوفرة مع هذه الأطراف، وقد حصل الفريق عبر هذه المنهجية على مستندات من كل الأطراف الرسمية في العراق، فضلا عن المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، وكذلك من أفراد، ومنظمات غير حكومية، كما أعلن الفريق عن فتح باب تلقى الأدلة من مصادرها بشكل دائم، وكذلك الجهد البحثي التحليلي، لكل ما شوهد عيانياً، او ما تمت قراءته، ودراسته، وفحصه، وتحليله، وكذلك استعان الفريق بشركات تكنولوجية لتحليل الوثائق الرقمية، وخبراء بهذا المجال بشكل واسع النطاق، إلى جانب التحليل الجنائي لكل الأدلة العينية، والتحليل القضائي والجنائي لجميع المستندات المتحصلة.