ataba_head

منهجية فريق التحقيق الأممي بجرائم داعش في جمع الأدلة الجنائية وحفر المقابر الجماعية  / 4

منهجية فريق التحقيق الأممي بجرائم داعش في جمع الأدلة الجنائية وحفر المقابر الجماعية  / 4

الأستاذ المساعد الدكتور رائد عبيس

جامعة الكوفة

 

اتبع فريقُ التحقيق الأممي نهجاً, راعى به كثيراً من المسائل ذات الاهتمام الخاص، بمشكلة جمع المواد المتعلقة بالأدلة الجنائية للضحايا, كان قد بدأها بتنسيق عالٍ بين الحكومة المركزية في بغداد، وحكومة إقليم كردستان، عبر دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية، ودائرة الطب العدلي، ووزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين، كأطراف رسمية معنية، على وفق قوانين شرعت لهذه القضية، ووضعت لها لوائح, وتعليمات, وضوابط، التزم الفريق بها، إلى جانب مبادئ مجلس الأمن،  واللجان الدولية، وفرقها التحقيقية.

فضلاً عن ذلك، حرص الفريقُ على التزام الاحترام اتجاه مشروع فتح المقابر، وجمع الأدلة الكافية عن حيثياتها، لما لها من أهمية بالغة، ذات صبغة دينية، وعشائرية، وقبلية، وبيئية، وقومية، وحتى رسمية، تطلب هذا الحذر تعاون كبير بين أهالي الضحايا، ومجتمع الجريمة، ورجال الدين، وزعماء طوائف , ولاسيما من الأيزيديين، بكونهم الأكثر تضرراً، وأجرى الفريق معهم مشاورات مكثفة.

بعد أن وفّر الفريقُ كل التزامات هذا التعاون بين الأطراف المشار إليها في أعلاه، نظم كل خطواته العملية للشروع في كشف الأدلة الجنائية من تلك المقابر, عبر عقد دورات تدريبية، ومشاورات تقنية، وجمع المعلومات ما قبل الموت وما بعده، وطرق جمع الأدلة، وتوفير مرافق خاصة للخزن البايولوجي، وتوفير فريق أمني، فضلاً عن الاستعانة بخبراء دوليين، في مجال جمع الأدلة، والتحقيق المادي، والفحص البايولوجي والانثروبولوجي، وخبراء متمرسون في الأدلة الجنائية، وخبراء في مسارح الجرائم، وتوفير المعدات التقنية، كأجهزة المسح الليزري، ورسم الخرائط، والنمذجة، والمسح السطحي، وتصميم خرائط ثلاثية الأبعاد.

كان هذا جزءاً من منهجية الفريق التحقيقي، قبل فتح المقابر, وبعد أن توجه الفريق عملياً إلى تطبيق هذه المنهجية، كانت أولى أولوياته هي مواقع المقابر الجماعية في قرية كوجو بقضاء سنجار، في شمال غرب العراق، أقام الفريق أنشطة أحياء مراسيم دينية طبقا للشعائر الدينية الأيزيدية، كتجسيد للتعاون بين الطوائف المصابة بأبنائها، فضلاً عن دعوات رسمية وجهت إلى جهات حكومية في المركز, والاقليم, وشخصيات رسمية من مسؤولين, ومستشارين، كما استعد الفريق قبل البدء بفتح المواقع، إلى توفير الدعم النفسي، والإرشاد الاجتماعي, لأسر وعوائل الضحايا.

بعد عملية الحفر، والبدء بأنشطتها، قدم الفريق توجيهاته للسلطات الحكومية، بشأن : المحافظة على مسرح الجريمة، وترميز المواقع، والمسح السطحي، وحفظ مواد الإثبات, وجمع وتصنيف الأدلة, وتخزينها على وفق المعايير الدولية، من أجل الخروج منها بأفضل النتائج بعد التحقيق. كانت تلك الأدلة، هي نتاج فتح 12 موقع من المقابر الجماعية المكتشفة. أحتاج الفريق بعدها إلى اتفاق جديد بين الأطراف في المركز والاقليم، وبالتحديد بين وزارة الشهداء والمؤنفلين في الإقليم, ودائرة الطب العدلي, في وزارة صحة المركز، ودائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية، من أجل نقل عينات الحمض النووي المأخوذة من الضحايا, والناجين, واقاربهم إلى مديرية الطب العدلي في بغداد، وتم الاتفاق على ذلك وتوقيعه، كما اعتمد الفريق آلية شراكة بين تلك الأطراف بعد نجاحه في مهمته الأولى.