ataba_head

حزب البعث العراقي وعلماء الدين (1)

حزب البعث العراقي وعلماء الدين (1)

الباحث عبد الهادي معتوق الحاتم

 

يعدُّ نظام البعث المقبور في العراق واحداً من أعتى الأنظمة الدكتاتورية في العالم، لدرجة أننا لا نستطيع مقارنته بأيِّ من هذه الأنظمة ، فاستناداً إلى الكمّ الهائل من الوثائق التي خلفها النظام المباد ، لا نرى أي وجه تشابه بينه وبين أي نظام دكتاتوري في العالم إلا في حدود ضئيلة جداً ..

ومنذ أن تسلّط نظامُ البعث الشوفيني على رقاب الشعب العراقي المظلوم  ، خطط لانتهاك حقوق الإنسان ، ومارس أبشع أنواع الانتهاك ضد علماء الدين ، فبدأ بضرب المرجعية الدينية باعتبارها غطاء للحركة الإسلامية ، فضلاً عن محاولاته الجادة في تهجير الآلاف من العلماء وفضلاء الحوزة العلمية في النجف الأشرف وكربلاء وسامراء وبقية محافظات العراق الأخرى .. لم تكن محاولات الاعتقال والإعدام والتعذيب للشيعة فقط ، بل وصلت إلى علماء السنة ومنهم العلامة الشيخ عبد العزيز البدري الذي تعرّض لأشد أنواع التعذيب ثم قتل بدم بارد … وهكذا في بقية أبناء الشعب العراقي ، كما قام باغتيال العلماء والطلبة خارج العراق عن طريق جهاز المخابرات العراقي وعملائهم ، من أولئك الذين باعوا ضمائرهم وذممهم لصدام.

في البحث الموثق الموجز هذا ، سنتطرق بالوثائق إلى بعض جرائم صدام في هذا المضمار وهي لا تعدّ ولا تحصى ، وسيرى القارئ العزيز ، من خلال الوثائق المعروضة الطبيعة السادية التي اتصف بها حزب البعث المقبور وقائده الضرورة ..

نظام حزب البعث الصدامي في العراق ، نظام لا يؤمن بغير سياسة (سفك الدماء) و (الرعب) و (العنف) و(الإرهاب).. وسلطة هذا النظام ترى أن بقاءها مرهون بتخويف الشعب وكل الوجودات السياسية والدينية، لذلك اعتمد الطاغية صدام الديكتاتورية كأسلوب حكم يضمن له ولزمرته الاستمرار في التسلّط وهو الهدف الذي أعلنوه منذ مجيئهم المشؤوم في صبيحة 17/7/1968 .

البعث المقبور .. وزيارة الإمام الحسين (عليه السلام)

قبل الحديث عن موقف البعث المقبور من علماء الدين ، لنرى موقف البعث المقبور من زيارة الإمام الحسين “عليه السلام” من خلال وثيقة نادرة حصلنا عليها توضح هذا الموقف المشين..

ذكر حردان عبد الغفار التكريتي في مذكراته التي دونها قبل مقتله ، بأنه ذهب مع المقبور أحمد حسن البكر الى كربلاء لغرض (الحلف) في مقام العباس عليه السلام، وبعد أن انتهيا طلب حردان من البكر زيارة الإمام الحسين عليه السلام ، إذ يقول : والجدير بالذكر أن الرئيس (البكر) رفض تلك الليلة أن يقوم بزيارة سيدنا الحسين رغم اصراري عليه مؤكداً بالحرف الواحد : أنا لا أعتقد بالحسين فهو كان يستحق القتل بسبب تمرده على حكومة يزيد .

وعندما قلت له: ولكن العباس كان مع الحسين في كربلاء وقد قتل معه . وربما في سبيله ؟ قال: هذا صحيح ولكني أعتقد أن الحسين غرر بأخيه العباس .. فقد جلبه معه على أساس أن يصبح ولياً للعهد , ولم يكن إخلاصه إلا للنخوة العربية التي كان يتمتع بها!!!

وأثبتت عدد من الوثائق التي حصلنا عليها أن الطاغية المقبور صدام خلال مسيرة حكمه منع زيارة الإمام الحسين عليه السلام ومحاربة زائريه واعتقالهم وتعذيبهم وقتلهم وذلك من خلال نشر أعداد كبيرة جلاوزته في المؤسسات الأمنية المختلفة .