موقف السلطة البعثية من الشعائر الحسينية
م.م محمد جاسم الخزاعي
العتبة العلوية المقدسة
شهدت الشعائر الحسينية تضييقاً ومنعاً على مدار إقامتها منذ الدولة الأموية حتى وقت قريب , وليس غريباً أن يتمَّ منعها , بل وقتل مقيميها من قبل السلطات الحاكمة ولا سيما التي تتخذ الظلم والتسلّط منهاجاً في مسك السلطة , إذ أنَّ الشعارات التي تُرفع في هذه الشعائر أو الحماس الذي يُبثُّ من خلالها يشكل من الخطورة بمكان على أي حاكم متسلط أو ظالم.
فالنهضةُ الحسينية تمثلُ مناراً وإشعاعاً لجميع المظلومين , ولاسيما الذي يعانون من تسلّط حاكم ظالم, لذلك مرّت الشّعائرُ الحسينية بمنعطفاتٍ خطيرةٍ وكثيرةٍ نتيجة التحديات التي واجهتها ونتيجة تشدد السياسات والاجراءات والمخططات التي أُعدت لمواجهة أهدافها ومفاهيمها التي تشكل خطرًا حقيقياً على كلِّ الممارسات التي تمارسها الحكومات الظالمة في شتّى أنحاء العالم.
لِذا سعى حزبُ البعث في العراق جاهداً في إخماد هذه الشعائر , والقضاء عليها , ,فعلى مدى الخمسة والثلاثين عاماً من سيطرة صدام التكريتي على مقاليد السلطة في العراق واجهت الشعائر الحسينية والمنبر الحسيني الكثيرَ من المخاطر ,إذ إنَّ البعث كان يعلم بأنَّ هذه الشعائر سوف تزيد من يقظة الشعب , وبالتالي تُهدد سلطانهم , فاتخذت السلطة البعثية إجراءات صارمة وقمعية مشدّدة لمنع المواكب والضغط عليها وتقييد وحريتها في الحركة حتى تم منع جميع أنواع الشعائر التي تقام عادة في شهر المحرم الحرام وصفر الخير في كلِّ عام .
فقامت السلطات البعثية بإصدار قرار واضح وصريح بمنع الشعائر الحسينية ومنع الزيارات الأربعينية للإمام الحسين عليه السلام سنة 1977م, إلا أنَّ العراقيين كانوا أوعى من النظام وأساليبه الخبيثة، فقرروا التصدي لقرار المنع الذي اتخذه النظام البعثي .
وتحديا لهذا القرار الجائر تجمع أهالي مدينة النجف الأشرف ومعهم الجموع الغفيرة التي توافدت على المدينة وانطلقوا بمسيرة راجلة عظيمة ومهيبة صوب كربلاء المقدسة, فاعتبر النظام البعثي هذه المسيرة تحدياً صارخاً لقرار المنع، فقرر التصدي لها بكل قوة، تمثلت بالطائرات والدبابات والقوة العسكرية الضخمة في مواجهة هذه المسيرة , فتصدى لهم في المنطقة المعروفة بخان النص وانتهت المسيرة بين شهيد ومعتقل ومطارد , وعلى إثرها قام النظام البعثي بإعدام المشاركين فيها.
وفي سنة (1980) حيث بدأت السلطة باعتقال عدد كبير من مقيمي المواكب والخطباء والشعراء والرواديد وإعدام الكثير منهم كما قامت بإغلاق الحسينيات والمدارس الدينية, في النجف الأشرف وكربلاء,و استمراراً لهذا الموقف العدائي من الشعائر الحسينية وصل الأمر بالنظام البعثي أن تقوم عناصره بقصف مرقد الإمام الحسين سلام الله عليه سنة 1991م , وملاحقة الزائرين وقتلهم في مقابر جماعية , وبذلك مارست السلطات البعثية شتّى أنواع الظلم ضد محبي أهل البيت سلام الله عليهم لمنعهم من إقامة المجالس الحسينية أو إحياء الشعائر الحسينية , إلا أنَّ ذلك لم يمنع الموالين من أن يقيموا هذه الشعائر ولو بشكل سريّ خوفاً من بطش النظام البعثي بهم وبعوائلهم , ولم ينته هذا التضييق حتى بداية سنة 2003م بعد سقوط النظام البعثي والتخلص من أزلامه الذين أُوغلوا ظلماً وإجراماً بحق محبين أهل البيت سلام الله عليهم.