ataba_head

جغرافية الإرهاب في العراق لـ “ثائر الناشي”

جغرافية الإرهاب في العراق لـ “ثائر الناشي”

د. قيس ناصر

جامعة البصرة

جغرافية الإرهاب في العراق (2003-2018), وهو عنوان كتاب صادر عن المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف التابع إلى قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة, ومن تأليف العقيد الدكتور ثائر غالب الناشي, وهذا الكتاب يُمكن عدّه من أبرز الدّراسات العراقية التي تُعنى بفهم الإرهاب, وتضمن أربعةَ فصول, الفصل الأول عبارة عن إطار نظري عن جغرافية الإرهاب وخصائصه المكانية, أما الفصل الثاني الذي بدأ حضور الباحث واضحاً بشكل متميز من خلال التفصيلات المهمة التي بينها عن التطور الزماني للعمليات الإرهابية في العراق للمدة من 2003-2018م, فضلاً عن توزيعها الجغرافي, وتحليلات الكاتب التي اعتمد فيها تقسيم المدة التي اشتغل عليها إلى عدة مراحل الأولى من 2003- 2006م مع تفجير مرقد الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام, ومن 2006-2014م كمرحلة ثانية, ومن 2006-2014, وهي السنة التي سيطر فيها كيان داعش الإرهابي على عدة أجزاء من العراق, ومن 2014-2018 أي ما بعد تحرير المدن من سيطرة الإرهاب, واشتغل الباحثُ على وضع جداول زمنية لعدد العمليات الإرهابية مع كل سنة ولكل محافظة, وهنا لا نجده معتمداً على دراسات سابقاً, إنما هو من جهوده, وربما ما مكّن الباحثُ من دراسته هو عمله ضمن المؤسسات الأمنية التي أضافت إلى دراسته الأكاديمية خبرة في الكتابة ربما تفتقر إليها بعض الدراسات الأكاديمية والأمنية, والتحليل السابق يُعنى بالناحية الزمنية, أما من ناحية التباين المكاني, فكذلك هناك ثلاث مراتب لتوزيع العمليات الإرهابية, وهي الفئة المنخفضة وتتراوح العمليات فيها بين

( 11-59), وتمثلت بالمحافظات الآتية: (دهوك, المثنى, ميسان, السليمانية, النجف, القادسية), والفئة المتوسطة, وتتراوح العمليات فيها بين (60- 1142), وتشمل المحافظات: ( ذي قار, أربيل, واسط, كربلاء, البصرة, بابل), والفئة الثالثة بين (1143-7854), وهي تمثل محافظات(كركوك, نينوى, ديالى, الأنبار, صلاح الدين, بغداد) .

أما الفصل الثالث, فتضمن دراسة العمليات الإرهابية في العراق( الشهداء-الجرحى) للمدة من 2003-2018, والخسائر المادية الناجمة عن العمليات الإرهابية في العراق في تلك المدة, كذلك شملت الدراسة موضوع الهجرة القسرية والنزوح لسكان العراق في المدة نفسها, فضلاً عن أثر الإرهاب على الاستثمار الأجنبي في العراق.

وقد تضمنت دراسته تفصيلات مهمة تتعلق بالعمليات الإرهابية التي نُفذت بواسطة الهجوم المسلح, فضلاً عن التي نُفذت ضد البُنى التحتية, وأخرى من خلال الاختطاف وحجز الرهائن, وكل هذه التفصيلات مرفقة بجداول وخرائط توضح نسبة كل محافظة وما تعرّضت له من جراء تلك العمليات الإرهابية, ولعل بحثه في الآثار الناجمة عن العمليات الإرهابية من حيث عدد الضحايا (الشهداء والجرحى وتوزيعهم الجغرافي (2003-2018) ونسبة توزيعهم على المحافظات العراقية, فضلاً عن الخسائر المادية الناجمة عن العمليات الإرهابية للمدة من 2003-2018, على وفق جداول تتضمن التقديرات المالية لخسائر قطاعات مختلفة من الصناعة والنفط والتربية والتعليم والصحة والكهرباء والثقافة ……إلخ, يُعد من الدراسات التأسيسية في هذا المجال.

أما الفصل الرابع, فتضمن الأنماط المكانية للعمليات الإرهابية في العراق للمدة من 2003-2018, والسياسات المكانية للحد من ظاهرة الإرهاب في العراق, على وفق مستويات مختلفة سياسية واجتماعية, حكومية ومجتمعية, اقتصادية وتعليمية وإعلامية, ولم يغب عنه الاهتمام بالسياسات الأمنية ومبادئها العامة لنجاحها في مكافحة الإرهاب.

إنَّ هذا الكتاب لا يمكن لأي باحث يهتم بدراسة الإرهاب في العراق بعد 2003م أن يستغن عنه لما يحتويه من معلومات قيمة, وإمكانيات الكاتب واضحة فيه سواء الأكاديمية أم المهنية, بمعنى آخر هو نتاج توظيف الخبرتين الأكاديمية والمهنية, فربما توجد لدينا العديد من الدراسات الأكاديمية عن الإرهاب إلا أنَّها تفتقر إلى المعلومات المهنية, وكذلك توجد لدينا دراسات لمهنيين, إلا أنها تفتقر إلى الأطر الأكاديمية, أما هذا الكتاب (جغرافية الارهاب في العراق) فقد وفق كاتبه بالجمع بين الأكاديمية والمهنية. ومن الجدير بالذكر, أن ما ميّز هذا الكتاب هو صدوره عن مركز معني بدراسة جرائم التطرف, وهذا الأمر يضفي عليه تخصصية أكثر .