تطرف أم تصرف .
د. حسنين جابر الحلو/ مركز دراسات الكوفة
موجة تلاحق أمواجا، شيء غريب وبعيد عن المنطق ، أن تلاحق موجة صغيرة كل هذا الموج الهادر ، قطعا هناك خلل واضح وصريح ، ولكنه يحتاج إلى تلميح .
واقعا أنَّ الحياةَ فيها مثالب تلحقها مخالب، هي التي تسير نمطية الحياة الموجودة من مفردة إلى ثانية ، فتعمل على قول شيء من العقيدة وترك أشياء، بحيث تقول وتقول ثم تقول لتصل إلى المثول ، أي مثول ، قطعا مثول الأقوى في الساحة ؛ لأنه قول وعمل ، بحيث يؤسس لنقل الجزء إلى الصدارة من غير حتى أن يمرّ بالكل .
وهذا شأن التطرف العقيدي ، جماعة تدعي الأحقية، وهي لم تفهم من الدين لا اسمه ولا رسمه ، فقط هناك أجندات صعدت من وجودها ، فغيّرت القالب السلبي إلى سلبي بتطبيق.
فطبق التطرف في المجتمع على أنه حالة مثالية ، كما أرادت داعش في وقتها ، عشقت مناهجها بمنهج عقيدي خاص بها ، بحيث تعتقد تماما بأفضليتها، وحتى أنها رفعت شعار ” خلافة على منهج النبوة ” .
مما أسس قوة فكرية فيما بعد ، بحيث أن الخارج عنهم منشق ، ولا بد من قتله ، كأن مبدأ التوبة مرفوض ، أو التفكير، بهذا التصرف خلقوا تطرّفا واضح المعالم، يبين للآخر حجم القوة ودفع الهوة الحاصلة والمتحصلة في الوقت ذاته.
فالتطرف ليس حالة وقتية وتنتهي بزوال آثارها، بل هي تركيبة مستمرة ومؤثرة على الهوية الجمعية بكلها ، تؤثر على الضعيف فتزيد ضعفه ، وعلى القوي وتزيد قوته ، ولا جدال أكثر مما حصل في زمن داعش ، وكذلك فيما حصل في أفغانستان بعد دخول طلبان ، كأنها نوعية فريدة تريد أن تقول قولتها وتنهي الكل ، على الرغم من تجاربه في الحياة ، وأساسياته في البعد الإنساني.
وكما يقول أرسطو :” أولئك الذين يعتقدون أن كل الفضيلة موجودة في مبادئهم يدفعون الأمور إلى التطرف ، فهم لا يعتبرون أن عدم التناسب يقضي على الدولة” ، وهذا هو الحاصل اليوم ، الكل ينادي بالمبدأ الخاص به ، ولا ينظر إلى المجتمع بعمومه ؛ لأنه فقد القدرة على إيجاد الوسط الفعال لينقذ البشرية من الضياع .