ataba_head

العنف السياسي وإرهاب السلطة 4 طائفية حزب البعث

العنف السياسي وإرهاب السلطة 4

طائفية حزب البعث

م.م محمد الخزاعي / العتبة العلوية المقدسة

يُحسبُ للمؤسسة الدّينية الشيعية استقلالُ علمائها من الناحية الاقتصادية و الإدارية عن الدولة فهم ليسوا موظفين في المؤسسات الدينية التابعة للدولة مثل غيرهم، وبالتالي قد يؤثر ذلك في اتخاذ المواقف الوطنية التي قد تخالف توجهات السلطة أحياناً .

 

هذا الأمر شكّل هاجساً كبيراً لدى نظام البعث الصدامي , على الرغم من أنَّ البعث في بداياته لم يصطدم بالمؤسسة الدينية ,إذ أراد تثبيت قواعد حكمه وإحكام قبضته على السلطة , إلا أنَّ وصول صدام التكريتي إلى تسلّم مقاليد الحكم شكّل انعطافاً كبيراً في الحياة السياسية داخل العراق , فالرجل كان يعيش ضمن دائرة أقربائه الذين تسنّموا مناصبَ عليا في مؤسسات الدولة العراقية ممن يمتهن القتلَ والعنفَ والتطرّفَ أسلوباً في حياته الدموية ؛ لأنَّه أسسَ شبكةَ الولاء الشخصي له من الأقارب والعشيرة فقط ، وذلك بعد إعدام أعضاء بارزين من حزبه فيما يعرفُ بأحداث قاعة الخلد.

فالمنهجُ البعثي الذي أسّسه صدام التكريتي أرسى قواعدَه على الإقصاء ,والنفي والاطاحة , والسجن , والقتل , وكلّها مفردات أساسية في قاموس العنف في فكر هذا الحزب الدموي , فقد بدأ صدام التكريتي بممارسة العنف مع طلبة العلوم الدينية , وكان لا بد له من أن يضع منهجا مفصّلاً للقضاء على الدين والمؤسسة الدينية الشيعية كونها تمثلُ التهديدَ الأكبر لحكمه وحزبه , فبدأ بالإجهاز على المرجعية الدينية , واعدام المتدينين والعمل على فصل الشعب عن علمائه.

ولم تكن المؤسسة الدينية وحدها من عانت من طائفية هذا النظام البعثي , بل استباح صدام التكريتي نساء العراق العفيفات, وشبابه الواعي, والكفاءات العلمية القديرة فيه, عبر الإعدامات الفردية, والمجازر الجماعية من خلال المقابر الجماعية وغيرها على وفق منهج طائفيٍّ مقيت , فأصبح الحزبُ  يسير بممارسة إرهابية لأجهزة العنف والإرهاب والتدمير, ويقنن الإرهاب عبر الأجهزة الحزبية المعروفة بالقيادة القطرية والقومية التي كان يشرفُ عليها صدام التكريتي نفسه, وما بينهما من حشو من الأجهزة الدموية كأجهزة المخابرات والأمن العامة وغيرها من المنظمات ذات الطابع الإرهابي في تعاملها مع العراقيين.

وأخذت حرب حزب البعث ضد المؤسسة الدينية الشيعية منحى خطيراً عندما بدأت الاعتقالات لطلبة العلوم الدينية في النجف وكربلاء , والتضييق على المرجعيات الدينية ومحاولة اختراقها ؛ فضلاً عن استعمال الكذب والتظليل الإعلامي في مواجهة العلماء ولا سيما المرجعية الدينية فمنهج حزب البعث في القضاء على المرجعية الدينية الشيعية اقتضى خلق البدائل المرجعية وبث الفرقة في أوساط المؤسسات الدينية, ثم الاغتيالات الدولية لعلماء الشيعة, والعمل على تقويض إمكانيات المرجعيات الدينية الفاعلة , إلا أنّه فشل في ذلك لما وجده من صمود لدى رجال الدين في مواجهة التعذيب والقتل والتنكيل , والتفاف الناس حول مرجعياتهم وعلمائهم.

وبذلك فشل المشروعي البعثي الطائفي في القضاء على المرجعية الدينية أو تقويضها .