banarlogo

الإرهاب في قفص الواقع .

الإرهاب في قفص الواقع .

د.حسنين جابر الحلو

 

 

 

الحياة متسارعة في التغيير ، وهذا أمر وارد ، ولاشك فيه ، على أن توجهاته تكون من أجل تسريع حلقة الحياة لا غلقها، توظيفا كاملا لا مكان الجمهور ، حيث تتبين مجموعة من المعطيات تنحاز لجهة بحاجتها لمعنى أو اقتصارها على ذلك،  وهذا مما يدعم حالة هذه الجهة باستمرار .

هذا بحقيقته هو إرهاب مبرمج للسيطرة على العقول بكل تفاعلاتها من دون أن تتعامل بالعنف ، وتجعل الواقع في قفص وتدور فيه حسبما تشاء .

ولعل صور الإرهاب المباشرة التي حصلنا عليها سابقا في ثمانينات القرن الماضي بينت لنا كيف جعلت الشعب كله في هذا القفص ؟ وإن لم يتكلموا؛  لأن السياسة العامة تفرض علينا انتهاج مفردة واحدة تؤطر لعمل الكل على حساب توظيفات المرحلة وآلياتها،  بحيث تستطيع أن تمثل حلقة الوصل بين الماضويات حتى في العهد العثماني كتركيب حاكم مفروض على عقول وقلوب الناس إلى يومنا هذا ؛ لأن الجريمة واحدة وإن اختلف المنفذ،  وإن شاهدنا استقرار المجتمع عيانيا إلا أنه في حالة ظلم مستمر .

وبعدها تمثل الإرهاب في العراق بعد أحداث ١٩٩٠ – ١٩٩١م ، حيث الألم كل الألم في فقد عنصر القوة في المجتمع وتمثلاته،  والتي تعد إحدى الإشكاليات الفعلية التي تواجه حركة العمل الإنساني ، وظيفيا أو طوعيا…..

مما سبب حالة الإرباك في الوضع السياسي العراقي  بعد الانتفاضة ، مما أسس لمقولة أبعاد شبح الظالم عن مجتمعنا ، إلا أن السياسة العليا فهمت ذلك وتداركت موقفها بإعطاء مجال آخر للحكومة المبادة،  بقي الواقع العراقي تحت القفص ، لأن ظروف أخرى دخلت إلى مجتمعه من تهجير وحبس ونزوح ، وواقع اقتصادي مثقل بالجراح،  تشظت كل قيم الإنسانية بمقولة النفط مقابل الدواء والغذاء ، حيث زاد القفص في ضيقه ، والفرد في جوعه ، حتى ٢٠٠٣ م وسقوط الصنم ، كان هناك محاولات من الآخر للعودة ، ولكن شاءت الأقدار أن تأخذ اتجاها آخر،  والفرد العراقي كان هو الضحية لأن القفص كان سابقا حديديا،  أصبح بعدها عقيديا،  لاسيما الجهات المناصرة للقاعدة وما شابه عملت على الإرهاب والطائفية لإرجاع العراق لنقطة الصفر المئوية في اللطيفية ومناطق بغداد ومثلث الموت ومقولات أخرى…..

وصولا إلى إحداث داعش وما مثلته من تغيير في الطبيعة المعرفية ، للآيدلوجيات المنتخبة ضمن شرائح مختلفة في حياتنا ، وحياة بعض الدول المجاورة ، وأيضا جعلت الفرد في قفص دائمي لا يخرج منه ، إلا بعد أن تفرز الضوء الذي يخرجها من قفصها لتصنع لنا ، مستوى من التفاهم ، وكما يقول “تشارز كينيدي” : “يسعى الإرهابي إلى تحطيم الحريات الأساسية للجميع: الحق في أن نعيش حياتنا اليومية على أساس افتراض الأمان الأساسي” ، وعلينا أن نخرج بعدها   من نقطة التقوقع إلى نقطة الظهور ، وهذا الأمر يحتاج إلى فك القيود ولو بعد حين .