banarlogo

سياقات منهجية لفهم التطرف العنيف

سياقات منهجية لفهم التطرف العنيف

الأستاذ المساعد الدكتور رائد عبيس

جامعة الكوفة

 

 

قبل التفكير بأيّ طريقة نمنع فيها نمو التطرُّف العنيف في عقول وقناعات الأفراد والجماعات، علينا أن نبحثَ في أيّ سياق نما ليكون التطرُّف، والتطرُّف العنيف بهذا المستوى؟  وما مدى قوته ليتشكل ضمن سياق ثقافي سائد سابق عليه؟ وهل التطرُّف بهذه الحالة يعد مشكلة أم ظاهرة؟ قد تذهب أغلب التقارير الأممية أن التطرُّف العنيف هو مشكلة معقدة ، ممكن تفكيك بنيتها المنهجية، والمعرفية، وفهمها ضمن سياقات مختلفة لمعرفة الأسباب الكامنة وراء ظهورها، وقد تعود إلى مرجعية جذرية واحدة يمكن استئصالها ومن ثم نحدّ من انتشارها.

لذلك يمكن القول إنَّ مكافحة التطرُّف العنيف ممكنة، ولكن لا من خلال أجهزة مكافحة الإرهاب بصفتها الأمنية والعسكرية، بل علينا أن نشرع باتخاذ منهجيات متعددة، وبأدوار مختلفة لفهم التطرُّف العنيف والحد من نموه وتطوره وانتشاره في بيئات متنوعة ، والسيطرة عليه قبل أن يكون عابرا للحدود، وقبل اتساع رقعته الجغرافية التي توحي بوجود حواضن، واستعدادات نفسية، وفكرية، لتقبله والترحيب فيه بصفة عقدية، ولعل انتشاره السريع واتخاذه لسلوك خاصّ به ، قد يفهمه كثير ممن يتأثروا به على أنه ظاهرة  تستوجب  التماهي، وإن كان بالمظهر الخارجي، كما كانت اشتراطات داعش على من يتطوع بالانضمام إليها.

ولعل هذه المنهجيات، قد تحقق الفهم الدقيق لمشكلة التطرُّف، ولكن بالتأكيد لا توفر الحلول السريعة للمعالجة، لذلك نحتاج في السياق العام إلى منهجية متخصصة ومن كل المجالات لتوفير حلول مرنة، إذ لا يمكن معالجة مشكلة التطرُّف بتطرف الحلول  حتى لا تتحول إلى ظاهرة.

ويمكننا القول إنَّ لمشكلة التطرُّف سياقات مختلفة تبعا للبيئة التي تنطلق منها ، فهي تختلفُ من مكان إلى آخر، وهذا على مستوى خصوصيتها المحلية، أما عالميتها ومن خلال الفضاءات السيبرانية، فقد تكون لها سياقات متشابهة من حيث الصفة، والمصدر، والتعريف، والأهداف، وهذا ما يساعدنا في النهاية على توحيد الجهود في مكافحة التطرُّف باعتبار المشكلة بلغت مراتب العمومية، ما يتطلب تدخل المجتمع الدولي لتوحيد جبهته على مصادر التطرُّف والحد من نشاطه، واستئصاله كونه يهدد المجتمع الكوني الشامل، ويبقى السؤال الملح كيف نفهم التطرُّف؟ وبأي سياق؟ وما مقومات النجاح والفشل في الحد من عنفه والسيطرة عليه.

تتحدثُ الدراسات الميدانية و النظرية ، عن تعدد السياقات لفهم مشكلة التطرُّف، بعضها تنسبها لعوامل اقتصادية، وأخرى سياسية، وثالثة ثقافية، وهناك نظرة شمولية في تعدد الأنساق، تستدعي تعدداً في المناهج لدراسة مشكلة التطرُّف وتقديم الحلول المناسبة، فواقعية الحلول هي من تحدد عوامل النجاح والفشل في استراتيجية احتواء التطرُّف في عقول المتطرفين، وكبح سلوكه العنيف.