سبايكر الوجع العراقي المعاصر

سبايكر الوجع العراقي المعاصر

الدكتور حسنين الحلو

مركز دراسات الكوفة

 

الشباب عنوان الحياة ، جملة توقظ العمل الصعب في حياة الاسترسال، عندما تتغيّر نبرة السياسة من تقديم حلول للشباب إلى تغييب للشباب ولدورهم المنشود لبناء جيل متقدم وقادر على تحقيق أحلامه.

فصناعة الأمل ليس ضغطة زر ويتغير كل شيء ، لابد أن نضع الأمور في مكانها الصحيح حتى نبدأ ذلك، وعندما بدأ شبابنا ذلك ، تغيرت الحياة من حولهم ، من حالة إلى أخرى ، ولاسيما أنهم كانوا يطمحون للحياة السعيدة ، وبعد دراماتيكية الحدث، أصبحت الأمور تتجه باتجاه معاكس ، حيث نرى أن الأيدي العاملة اتجهت من الزراعة والصناعة إلى الوظيفة ومنها العسكرية والأمنية والقطاعات الأخرى.

مما سبب حالة من التدفق على هذه القطاعات ، وأوجدت المسافات بين الصد والرد ، ولاسيما بعد دخول داعش إلى الأراضي العراقية ، ذهب العديد من الشباب ضحية للمساومات والمهاترات السياسية ، بدأت منذ السقوط الى سبايكر وما بعدها.

جريمة “سبايكر ” ، واحدة من الجرائم الإبادية التي أفنت أعمار شباب كالورود، ليس لهم ذنب إلا أنهم عراقيون ، أرادوا الحفاظ على الهوية الوطنية من الضياع ، وذلك لا يتم، إلا بعد تصحيح المسار .

وهؤلاء الشهداء والبالغ عددهم ” ١٧٠٠” شهيد ، وفي مصادر أخرى أكثر من ذلك ، لم يكن لهم ذنب يذكر على الإطلاق لا قانونيا ولا عرفيا ولا شرعيا، جنود كان لهم واجب وتدريب معين ، في الحفاظ على ممتلكات الوطن ، إلا أن النفوس الضعيفة من ” داعش ” وأعوانها قد أسرت الشباب ، وعملت على تصفيتهم جسديا ، مما جعل القلوب تدمى قبل العين ، وتأسس بعد ذلك إلى وجع عراقي من نوع خاص ؛ لأن كل شاب هو أب ، وأخ، وابن ، قطعا شكل حالة الحزن المزمنة في حياة هؤلاء ، وفي حياة كل عراقي غيور على دينه وعرضه ،وكما يقول “الطاهر بن جلون” : “الوجع يمنحني صفاء غير معتاد .. أتالم ولكني أعلم ما الذي ينبغي فعله لكي تتوقف هذه المكيدة” .

هذه الحادثة عرفّت المجتمع الدولي حجم الخطر الداعشي على كيان المجتمع الإسلامي والخريطة الإقليمية، والتصدي الفوري من قبل العراقيين من القوات الأمنية والحشد الشعبي والصالحين من الشعب ، على الرغم من وجود خلايا نائمة تستيقظ لتثير الرعب دائما ، إلا أن العقل العراقي تنبه لذلك ، واوقف عجلة تقدمهم ، لتبقى الذاكرة صافية من الشوائب .

فذكرى ” سبايكر” ليست غياب للجسد ،بل هي ثبات للموقف ، وعلى كل عراقي أن يحمل هموم ” سبايكر” وماحملته من معاني في الخريطة الذهنية للمجتمع العراقي ، وأن تكون الذاكرة موقدة لتحفظ كل اسم منهم ، والقلوب مستعدة لتحفر كل وجه منهم ؛ لأنهم تساموا في الموقف بعد غياب كل المواقف .