ataba_head

ماهية التطرف والإرهاب

ماهية التطرف والإرهاب

الأستاذ الدكتور أحمد عباس المهنا

الباحث الإسلامي وأستاذ الفقه المقارن

 

 

كثير من الناس يسأل أو يتساءل عن التطرف والغلو والإرهاب، وكثير من عامة الناس من يقول إن التطرف والغلو والإرهاب هم من مذهب كذا وكذا ويكثر الجدل بين عوام الناس ، فعن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما ضَلَّ قومٌ بعدَ هُدًى كانوا عليهِ إلَّا أوتوا الجدَلَ »، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: (مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ )[الزخرف: 58]: ” هذا حديث حسن صحيح (*).

ونقول وبالله التوفيق أن ديننا الحنيف الذي جاء به سيدنا وشفيعنا محمّد صلى الله عليه وسلم دين يسر ورحمة للعالمين وليس للمسلمين فقط  بل لكل مخلوق على وجه الأرض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ”  إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، ولنْ يشادَّ الدِّينُ إلاَّ غَلَبه فسدِّدُوا وقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، واسْتعِينُوا بِالْغدْوةِ والرَّوْحةِ وشَيْءٍ مِن الدُّلْجةِ” [1]

وقال الإمام النووي في شرح الحديث :

( ومعنى سددوا وقاربوا  : اي اطلبوا السداد واعملوا به، وأن عجزتوا عنه فقاربوا، اي اقربوا منه، والسداد  ، الصواب وهو بين الافراط  والتفريط  ، فلا تغلوا ولاتقصروا)[2] وقال ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى : ( والتسديد: العمل بالسداد  ، والقسط والتوسط في العبادة  ، فلا يقصر فيما امر به  ، ولا يتحمل منها ما لا يطيقه ) [3].

ومما يدل على الدين الحنيف ما ورد عن عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ  رضى الله عنه قالَ:   ” كُنّا عِنْدَ النَّبِيءِ ﷺ فَخَطَّ خَطًّا وخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَسارِهِ ثُمَّ وضَعَ يَدَهُ في الخَطِّ الأوْسَطِ أيِ الَّذِي بَيْنَ الخُطُوطِ الأُخْرى فَقالَ: هَذِهِ سَبِيلُ اللَّهِ، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: ﴿وأنَّ هَذا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فاتَّبِعُوهُ ولا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكم عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكم وصّاكم بِهِ لَعَلَّكم تَتَّقُونَ﴾

وقد وردت الدلالة على معنى الوسطية في ديننا الحنيف من خلال النهي والتحذير مما يضادها من المعاني مثل  : الغلو ، والمشادة ، والتشدد والابتداع ، واتباع الهوى ، وهنا نقول  لكل مسلم ومسلمة ولكل كبير وصغير أكان مسلما أم غير مسلم أن يتبع القرآن الكريم الذي نزل رحمة للعالمين ؛ ولأن القرآن الكريم جاء بكل الأحكام الشرعية التي نزلت على الأنبياء والمرسلين الذين جاؤوا قبل النبي صلى الله عليه وسلم فكل الأحكام التي جاءت في الكتب السماوية والتي دعت إلى الإسلام  وكان عددها (١٠٤ ) كتاب جاء بها القرآن الكريم  فقال (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) [4]

وقال : (وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)[5]

قال : الإمام الطبري رحمه الله تعالى  (أي : والله يرشد من يشاء من خلقه بتوفيقه  ، فيهديه إلى دين الإسلام  ، وهو الصراط المستقيم والطريق القاصد الذي لا إعوجاج  فيه )[6]

وسنتناول في بحثنا القادم إن شاء الله تعالى مقومات الوسطية في الإسلام

وبعدها نبين لحضراتكم معنى التطرف والغلو والإرهاب  ومن الله التوفيق.

 

 

 

المصادر

*سنن الترمذي رقم الحديث( 3253)

[1] ) ينظر : البخاري رقم الحديث (٣٩)

[2] ) ينظر : شرح مسلم للنووي ١٧ ، ١٦٢

[3][3] ) ينظر : المحجة لابن رجب ٤/ ٤١٢

[4] ) ينظر  : الفاتحة / آية٦

[5] ) ينظر : البقرة آية ٢١٣

[6] ) ينظر جامع البيان الطبري  ١٧/