ataba_head

شخصية الفرد العراقي الموروثة وأثرها في ظهور التطرف السلوكي

شخصية الفرد العراقي الموروثة وأثرها في ظهور التطرف السلوكي

 

 

 

م.م مرتضى أحمد دريب الشمري

 

 

 

من المعروف عن العراق أنّه بلد يمتلك تأريخاً وحضارة امتدت لآلاف السنين وقد عاشت ونمت واندثرت على أرضه العديد من الحضارات والدول والتي كانت من رائدةً في وقتها، في شتى المجالات، وقد ساعد في نموها وتطورها عدة عوامل طبيعية وجغرافية كتعدد مناخاتها وتضاريسها وخصوبة أرضها وتوافر سبل العيش من ماء وأرض خصبة للزراعة،  وكان من المعروف قديما أنَّ نمو الحضارات يعتمد بشكل أساس على وجود مصادر المياه والغذاء ، وللسبب نفسه أعلاه تعرَّضت هذه الرقعة الجغرافية على مدى العصور إلى العديد من الهجمات والغزوات والحروب والتي تسببت بالعديد من حركات النزوح من عدة أقوام، كل له عاداته وتقاليده وموروثه الاجتماعي والفكري وأدت هذه الحروب والهجمات إلى احتكاكات اجتماعية سببت بشكل مباشر حدوث ترحيل ونزوح السكان.

على مر العصور وفي شتى المجتمعات هنالك حقيقة واضحة وهي أن العادات والتقاليد في تطور مستمر لتتلاءم مع الحقبة الزمنية التي يمرُّ بها المجتمع ومن النادر أن تبقى جامدة ولا يطرأ عليها أُّي تغيير، فتجد أن ما كان ممنوعا في زمن ما أصبح مباحاً في زمن آخر وربما يعود ممنوعا في حقبة لاحقة، وحتى وإن صمدت بعض العادات والتقاليد المتأصلة في مجتمع ما فإن شدة التعصب لها ، وطريقة التعاطي معها سوف تختلف بين زمن وآخر فتزيد تارة وتنقص تارة أو قد تندثر وتنتهي في زمن لاحق.

طبيعة الفرد العراقي بين الماضي والحاضر.

إن طبيعة الفرد العربي والفرد العراقيّ على وجه الخصوص متأثرة بشكلِ أساس بالمدّ البدوي والتعصب القبلي،  حيث إنَّ الفردَ العربي  له أصوله الممتدة في الصحراء.

وأنَّ بيئةَ الصحراء القاسية  جعلت منه فرداً متعصبا ذا شدة وبأس وإن لم يقدر على كسب عيشه  في بالطرق التقليدية كالصيد و والرعي والتجارة  وما شابه  اتجه إلى الغزو لزيادة غنائمه  وسطوته  وهو يعتمد في ذلك  على تعداد عشيرته  وعدد حلفائه  وشدة بأسهم، حيث إنَّ الفرد البدوي له إطار فكري معين ينظر إلى الحق والباطل من خلاله، حيث كل ما يقع ضمن حدود هذا الإطار يراه حقا مطلقا، ومن هنا بدأ التعصب وفق الهوية والذي يُعرّف بأنّه اتجاه سلبي غير مبرر نحو فرد قائم على أساس انتمائه إلى جماعة لها دين أو طائفة أو عرق مختلف، أو النظرة المتدنية لجماعة أو خفض لقيمتها أو قدراتها أو سلوكها او صفاتها ،أو اصدار حكم غير موضوعي قائم على تعميمات غير دقيقة بشأن جماعة معينة.

 

 العولمة ودخول وسائل الاتصال الحديثة وتأثيرها على المجتمعات .

 

مما لا شك فيه أن دخولَ العولمة أدى إلى زيادة سرعة التزاوج الفكري والاجتماعي  بصورة كبيرة إذ إنَّ بتطور وسائل الكتابة والسفر و المراسلات  أدى إلى زيادة انفتاح المجتمعات على بعضها  وبالتالي زيادة تواشجها، وهذه الطفرة السريعة في دخول التكنلوجيا الاتصالية أثّر بشكل سلبي أحيانا في بناء المنظومة الفكرية للمجتمع العراقي، إذ إن الشبكة الاتصالية مليئة بالمعلومات والأفكار غير الدقيقة والتي كانت تحتاج إلى مراجعة علمية عميقة غاب عنها أفراد المجتمع بسبب رواسب الأمية المنتشرة جراء حكم البعث الصدامي

وبالتالي فإن شدة تعرض الفرد والمجتمع للإشاعات أو الأفكار المنحرفة فكريا وثقافيا واجتماعيا أصبحت أكبر وبشكل مضاعف أكثر فلوحظ تغيير سريع في العادات والتقاليد والأفكار والتوجهات  نتيجة هذا الانفتاح الواسع على باقي المجتمعات.

لكن وعلى الرغم من أنَّ التقدم التكنلوجي أدى إلى تطور البشرية في شتى المجالات إلا أنه أدى إلى ظهور مشكلات  مجتمعية جديدة يصعب السيطرة عليها أو التعامل معها بالطرق التقليدية .

والمتتبع بجد أنَّ الحكومات في الدول الغربية وإن تمتع شعبها بالحرية فإنها تتخذ إجراءات صارمة بالعلن أو الخفاء لصد أي مد بقلل من تقاليد المجتمع وبنيته ولاسيما التطرُّف.

لذا ينبغي الاشتغال على الفرد العراقي بشكل نحافظ فيه على قيمنا واتجاهاتنا الفكرية المعتدلة بحيث يتحول إلى فرد منتج بشكل إيجابي وسحب كل رواسب التطرُّف والعنف من أفكاره سواء في حياته العامة أو الخاصة.