دولةُ المؤسسات في مواجهةِ التّطرف العنيف
الأستاذ المساعد الدكتور رائد عبيس
تعدُّ المؤسسات ركناً أساسياً في بنية الدولة والمجتمعات، وضرورتها تنموية في استدامة العلاقة بين أجهزة الدولة السياسية، والاقتصادية، والمجتمعية فمن خلال قوتها ورصانتها ، تنتظم كثير من مقومات الحياة، وتنتعش الحركة الطبيعبة للمواطن في نشاطاته المختلفة على وفق علاقته السليمة مع تلك المؤسسات.
وتصنيف هذه العلاقة كلها، يتأتى من ثقة المواطن بتلك المؤسسات، وما تعزز به من رابطة الولاء للوطن، من دون المجاميع تحت تصنيف (الدولة الأم) ما أن يعيش المواطن علاقة مضطربة، بتأثير من الدولة العميقة، أو دولة الولاءات، حتى تجده ينحدر عن طريق بناء الدولة فراداً أو جماعات، فما بالك أن كانت تلك الدولة، ومؤسساتها مخترقة من قبل مجاميع أو أفراد متطرفين يحاولون أن يغلبوا منهج التطرف على سلوك مؤسساتها، مثل التطرف في الولاء السياسي على حساب الآخرين، أو التطرف الوظيفي (التعسف بالقانون) أو المناطقية، أو المذهبية، أو القومية كل هذا وذاك كان موجودا وما زال في دولتنا التي لا تختزلها المؤسسات الولائية القائمة على ما ذكرنا، بل بحاجة إلى حمايتها من ذلك التطرف والعنف فيه، الذي أدى إلى قتل الخصوم، والمنافسين، والمختلفين عنا هوياتياً.
ما حدث في بلدنا العراق بعد ٢٠٠٣ وإلى اليوم، هو نموذج ما ذكرنا في هذا المقال، إذ هناك علاقة بين سلامة مؤسسات دولتنا من الفساد، وبين تنامي ظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف فيه ما دام المواطن لا يرى سبيلا قائما لنزاهة هذه المؤسسات، سوف يتحول سلوكه إلى سلوك متطرف، وقد يتنامى إلى حرب وصراع مسلح واضطرابات أمنية بين فينة وأخرى، ومثال ذلك الوضع الذي سبق ظهور داعش، ووجوده ، على الرغم من جميع التضحيات .
علاقة المواطن المؤسساتية الواثقة مع دولته، تتيح له فرصة قطع دابر التطرف والإرهاب، عبر مبادرات وضمانات، تعزز المصداقية في الولاء الوطني لتلك المؤسسات ومواطنيها
نرى أن هذه العلاقة تحتاج الآتي :
١ _ على الدولة وحكومتها أن تعزز أمن المواطن بقوتها، حتى لا يحتمي المواطن بحزبه، أو عشيرته، أو بمجاميعه.
٢_ على الدولة ومؤسساتها الاقتصادية أن تضمن فرص العيش الكريمة، والأمن الغذائي، بالاعتماد على موارد الدولة وما ينتج عنه، بعيدا عن اقتصاديات الأحزاب، ونهب المال العام الذي مارسته المجاميع الإرهابية بمساعدة مواطني الدولة .
٣_ أن تفرض الدولة نهجا موحدا ببعد مؤسساتي في علاقاتها بمواطنيها
٤_ انتزاع الشرعية من كلّ من يهدد السلم الأهلي، مجتمعياً ومؤسساتياً، حتى لا يتغلل الإرهاب في الأوساط المضطربة بنيوياً.