ataba_head

وقفة مع التطرف

وقفة مع التطرف

السيد علي حبل المتين

 

 

التشدد في قبال التطرف جادتا طريقٍ منذ الأزل فهما مفهومان متقابلان، التطرف يكون متزامنًا مع كل زمان مواكبًا لأحداثه محيطًا بتطوراته وفق أيدلوجية خاصة نوعية تبرر للفرد سياسة إقصاء الآخرين ولا يمكن تقبلهم بأيِّ وجهٍ كان ، ويمكن اختصاره حسب التعريفات الأكاديمية بأنَّه من تطرَّفَ في المغالاة السياسية أو الدينية أو المذهبية أو الفكرية، وهو أسلوب خطِر مدمِّر للفرد أو الجماعة ، هو تعبيرٌ نسبيٌّ يستعمل لوصف أفكار أو أعمال يُنظر إليها من قبل مطلقي هذا التعبير بأنها غير مبرّرة من ناحية الأفكار،     يستعمل هذا التعبير لوصم الأيديولوجية التي تعدّ بعيدة عن التوجه السياسي للمجتمع.

وليس للجيوغرافية أي تأثير بذلك فالمتطرف الشرق أوسطي كالغربي وكلاهما خطران , لا يخلو أحد من هذا المرض الخبيث المستشري قد أكون أنا أو أنت والدك أو والدي أختك أو أختي وإذا محصّنا طريقة كلامنا وانتبهنا للكثير من التشنجات الحوارية لوجدنا أنفسنا في بدايته ولعنا خضنا شطراً منه من دون علم.

 

أما التشدد فهو ثابت وهو الذي يجابهه التطرف فالتشدد أشد خطورة وخير مصداق على ذلك ظهور التنظيمات الإرهابية المتشددة كالقاعدة وداعش وغيرها ؛ ويمكن تعريفه أَكَادِيمِيًّا بأنه من تشَدَّد اَلرَّجُل تقَوّى تشدّد عزمُه تقوّى وصار أكثر ثباتًا وتوطيدًا. تُشَدَّد في الأمر تصلّب، بالغ فيه ولم يُخَفِّف تشدّد في اَلدِّين تزمّت وكان غير متساهل، تشدّد في موقفِه.

 

وكل من التطرف والتشدد لازما جادتا طريق من السير والسلوك وأما الاعتدال والوسطية والاعتدال هذا شأنٌ آخر.

 

والتطرف يبيح ويبرر للفرد ممارسة سياسة الإقصاء والتنكيل والتهميش للطرف الآخر، فكلُّ فرد لا يقبل برأيه أو فكره أو مبناه أو انتمائه فهو غير مرحب به ولا يستحق الحياة وغير مرغوب به كما مارس حزب البعث مع الذين سفّرهم ورماهم على أطراف الحدود بدعوى أنهم فئة غير مرحب بها ؛ لأنهم يشكلون خطرًا أو تهديدا بل إنهم لم يكونوا ممتثلين لأيدلوجيا البعث القمعية ، وهذا وفقًا للفلسفة العفلقية التي تعتبر الأم والراعي الرسمي للحزب ، كذلك كل الحركات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي ظهرت في القرن المنصرم كالشيوعية فهم كذلك أدلجوا الفلسفة الماركسية والتي كانت أيضا تمارس سياسة الإقصاء القمعية تجاه الطرف الآخر، والرأسمالية والليبرالية والنازية التي أيضا تطرفت وفقًا للفلسفة التي اتخذوها كدعوة لدعم آرائهم المشوهة ، والصهيونية والعلمانية التي يتغنى بها الغرب قد تكون الأسواء فهي حركات وتتبع سياسة متطرفة وقد أرهقت العالم وضيعت ثلثه بسبب حروب طاحنة من أجل استعلاء كل فكر على الآخر وكما قلنا إنَّ التطرف هو من أباح لهم وأكسبهم هذه الشرعية.

 

وبقبال اليمين المتشدد المتمثل بالسلطات التقليدية العرفية، تمارس سياسة الإقصاء الدوغماتية والتي حركة من الجمود الفكري ضد الطرف المقابل وقد شهدنا عمليات الإبادة البشعة بحق المعارضين ، فالدوغمائية تتجدد عند كل جيل وزمان ومكان ، وهي التي تواكب قطار الحضارة الذي من لم يركبه يدعسهُ ويمضي دون توقف ،  وعليه يمكن وصف كثير من الحركات الظاهرة في زماننا بالتطرف التزمتي فهناك كثير من الحركات أيضا نشأت كفكر وديع وثم تطورت أساليبها الخطابية والتحريضية على غرار كل الحركات المذكورة, فهذه الحركات وأشباهها لما تحمل من فكر انطوائي جامد لا يقبل الطرف الآخر ويردون أن يشقوا طريقهم دون أي اعتبار لمصالح الناس الآخرين ,  فؤلاء يمكن عدّهم جماعات تحمل أفكارا متطرفة تشكل خطرا على المجتمع بصورة عامة.