banarlogo

من خطابات التكفير إلى المفخخات.. تلعفر ضحية الإرهاب

من خطابات التكفير إلى المفخخات.. تلعفر ضحية الإرهاب

جعفر التلعفري

باحث وصحفي وحقوقي تركماني

 

عمد تنظيما القاعدة وداعش الإرهابيان إلى استهداف سكان مركز قضاء تلعفر التركمان من اتباع آل البيت (عليهم السلام)، بعد سقوط نظام حزب البعث في العراق عام 2003، مخلفين آلاف الضحايا في صفوف المدنيين، رجالاً ونساءً وأطفالاً، والعسكريين وموظفي الدولة، عبر عمليات اغتيال منظمة، وسيارات مفخخة، وأحزمة ناسفة، وصواريخ مختلفة، تحت ذرائع “التعاون مع الاحتلال الأمريكي، ودعم الحكومة العراقية، والانتساب إلى الأجهزة الأمنية”، في حين أن المؤشرات كانت تتجه إلى أن الاستهداف في الغالب كان “طائفياً أو بسبب الاختلاف مع الضحية في العقائد والتوجهات”، إلى جانب تفجير المؤسسات والمباني العامة والخاصة، ودور العبادة، والمعالم التاريخية.

تقع تلعفر في أقصى شمال غرب محافظة نينوى، ويسكنها خليط من التركمان والعرب والكرد، حيث ينتشر التركمان في مركزها، والعرب في ناحية ربيعة شمالاً، والكرد في ناحية زمار شرقاً، ورغم أن تاريخ التطرف في المدينة بدأ في التسعينيات من القرن المنصرم؛ إذ اجتاحتها موجة من خطابات التكفير والكراهية قادها رجال دين -انضموا فيما بعد إلى تنظيمَي القاعدة وداعش- إلا إنه امتد إلى الخطف والقتل والتفخيخ بعد 2004، وقد بلغت حدة الوضع إلى محاصرة المدينة لعقد كامل؛ مما منع شريحة كبيرة من سكانها من الوصول إلى مركز محافظتهم؛ لإجراء معاملات رسمية، أو مراجعة طبيب، أو زيارة أقارب.

وباتت أخبار الحوادث الأمنية القادمة من تلعفر تتصدر نشرات الأخبار لمدة طويلة، فقد سجل مركز القضاء الذي تبلغ مساحته 30 كم نحو 3486 شهيداً، و6823 جريحاً من 2004-2014 عبر 327 عملية إرهابية مختلفة نُفذت داخل المدينة؛ إضافة إلى مئات العمليات الإرهابية التي استهدفت سكانها خارجها.

وتعرضت المدينة إلى ثلاث موجات نزوح أعوام 2004 و2005 و2014 آخرها كانت الأقسى، إذ خلفت عشرات القتلى، ونحو 1200 مختطفاً، بينهم 460 امرأة وفتاة، و120 طفلاً، وتهجير أغلب سكانها عنها، إلى جانب تدمير 32 دار عبادة، ومواقع أثرية، في مقدمتها القلعة الأشورية.

بدأ الأئمة المتطرفون في الوصول إلى تلعفر عام 1988، وحققوا نجاحاً كبيراً في نشر النسخ الوهابية والتكفيرية المتطرفة من المعتقدات الإسلامية.

حتى بداية التسعينيات، لم تكن المدينة قد شهدت أي حوادث طائفية أو توترات من هذا القبيل، إلا إنه بعد 1990 بدأت الأفكار المتطرفة تنتشر في تلعفر عن طريق بعض الدعاة المدعومين من الخارج فكرياً ومادياً.

عاش أهالي تلعفر بأمن وسلام حتى بعد سقوط النظام السابق لبضعة أشهر من دون وجود حكومة في المدينة، بعدها بدأت سلسلة الاستهداف الطائفي على الهوية التي خلفت آلاف الضحايا والمفقودين والجرحى والنازحين إلى مدن ودول أخرى.

المصادر:

– قحطان أحمد عبوش، ثورة تلعفر 1920 والحركات الوطنية الأخرى في منطقة الجزيرة، مطبعة الأزهر، بغداد، (1969).

– جعفر التلعفري، ذاكرة الأمكنة: قلعة تلعفر الاثرية، جريدة المدى، بغداد، (15 اذار 2009).

– طه جدو البرزنجي، وهاشم الدامرجي، المختصر لأسباب سقوط تلعفر، دار العالمية الحديثة، النجف الاشرف، (2017).

– عزمي بشارة، وآخرون، تنظيم الدولة المكنّى داعش، التشكل والخطاب والممارسة، (ج.2)، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، (2018).

– Patriquin, Captain Travis, (JANUARY-FEBRUARY 2007), U.S. Army, Using Occam’s Razor to Connect the Dots: The Ba’ath Party and the Insurgency in Tal Afar, Military Review.