د. رائد عبيس
تزامناً مع اليوم العالمي الذي خصص للتعريف بالتطرف العنيف المفضي إلى الإرهاب، وهو 12/ يناير – شباط من كل عام الذي أقرته الجمعية العامة في قرارها 77/243 عمل المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف على مبادرة دفن الوجبة الثالثة لعدد من ضحايا التطرف العنيف الذي أفضى إلى العنف القاتل، والإرهاب الفعلي تجاه العراقيين جميعاً، وأبناء الطائفة الشيعية خاصة، الذي استهدفهم بشكل ممنهج قاصدا ألحاق الإبادة بهم، فكانت الجماعات المتطرفة الإرهابية في العراق منذ 2003 إلى 2014 تعمل بتوجيه إجرامي، وعنفي، إرهابي يحمل توجهات سياسية، وعقائدية، ومناطقية، ضد من تعدهم خصومها وأعداءها الحقيقيين قاصدة بهم الشيعة، وهي مستمرة بذلك بفاعلية أقل ومحدودة.
بهذا السلوك الإرهابي العنفي الذي خلف الآلاف من الضحايا في تفجيرات السيارات المفخخة، والعمليات الانتحارية، وعمليات الإخفاء القسري، والقتل على الهوية، ودوافع الإبادة الواضحة في توسعة عملياتهم الإرهابية. سيطرت هذه الجماعات على أجزاء من أرض العراق، ومحافظاته الشمالية والغربية، ونفذت عمليات قتل طائفي وتعسفي بحق أبناء هذه المحافظات، مع استمرار عملياتها الإجرامية في بغداد وغيرها من المحافظات الجنوبية.
كانت أولى عمليات هذه الإبادة الجماعية بعد سيطرة عصابات داعش على مدينة الموصل قد طالت سجناء بادوش، فكانت قد فتحت السجون، وأطلقت سراح من ينتمون إلى طوائف مختلفة، في حين عزلت أبناء الطائفة الشيعية، ونفذت بهم فعلها الإجرامي في عمليات مختلفة، مرة بالقتل المباشر، ومرة في الدفن وهم أحياء، ومرة أخرى بقتلهم ودفنهم بطريقة غير شرعية، أي يحفرون لهم حفرة كبيرة (قبر كبير)، ويتم بها دفنهم جميعا.
تأخرت عمليات التحري والتنقيب عن مواقع دفن هؤلاء الضحايا من سجناء بادوش؛ لأسباب موضوعية تتعلق بعدم تحديد الموقع الدقيق الذي تم دفنهم فيه، وتأخر إلقاء القبض على الإرهابيين المنفذين الذي كان من شأنه أن يسهل الكشف عن موقع العملية بسهولة، فضلاً عن وعورة المنطقة الجغرافية التي تمت بها العملية؛ مما يصعب العثور بها على الجثث، وتعقب أثرها. إضافة إلى المعوقات الفنية والإدارية التي تتطلبها فتح هذه المقبرة الجماعية الخاصة بهم، وتحليل الحامض النووي، ومطابقة تحليله مع أهالي الضحايا، وغيرها من التفاصيل.
عناية المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف، ومتابعته لإكمال كل هذه الإجراءات، وسلامتها، وسهولة نقل هذه الرفات إلى مكان الدفن المعد لها في روضة الكفيل، هو تخليد رمزي وتأريخي تمثل بعملية التشييع المهيب الذي أقيم لهم، ودفنهم بطريقة رسمية ومهنية، إذ تعد مقبرة روضة الكفيل وثيقة مادية ومجسة لكل التضحيات، سواء بقبورها الرمزية، أو المادية من ضحايا التطرف الإجرامي للنظام البعثي الذي توافق منهج الجماعات التكفيرية والإرهابية مع منهجه في استهداف الشيعة وإبادتهم، هذه المبادرة أظهرت رسالة تأريخية أمام الرأي الدولي العالمي والمحلي بضرورة تخليد تضحيات أبناء العراق، وحفظ مواقفهم، وتجسيد رمزية العنف وإرهابه ضدهم في ذاكرة الأجيال العراقية، حتى لا يسمحوا بعودته مجدداً.
#الإرهاب #التطرف #التطرف العنيف #مجزرة بادوش #ضحايا بادوش #نزلاء بادوش #رائد عبيس #اليوم الدولي لمنع التطرف العنيف عندما يفضي إلى الإرهاب