د. محمد جبار الكريزي
سعى العراق للاضطلاع بدور رئيس في مواجهة التطرف العنيف المفضي إلى الإرهاب على المستوى المحلي، والإقليمي، والدولي، وذلك عن طريق جملة من السياسات، والاستراتيجيات، والإجراءات، والجهود الحكومية وغير الحكومية في توثيق جرائم التطرف في العراق.
إذ تم إقرار استراتيجية وطنية لمكافحة التطرف العنيف في العراق، وبجهود المؤسسات الحكومية كافة، بعدها تشكلت اللجنة الوطنية لمواجهة التطرف العنيف في مستشارية الأمن القومي – رئاسة الوزراء، وعملت ضمن أربعة محاور في تنفيذ الاستراتيجية: الوزارات والهيأة، والمحافظات، ومنظمات المجتمع المدني، والداعمين الدوليين.
كذلك تأسس أول مركز بحثي يعنى بتوثيق جرائم التطرف في العراق باسم (المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف)، هو مركز تابع إلى العتبةِ العباسيّةِ المقدّسةِ، وجاءَ تأسيسُ المركزِ كثمرةٍ عمليةٍ لمجموعةٍ من النّشاطاتِ التّوثيقيّةِ، وفقَ رؤيةٍ عميقةٍ تنسجمُ مع الروحِ الوطنيّةِ الـتي تنتهجها العتبةُ العباسيّةُ المقدّسةُ في مشاريعِها التّنمويّة والثّقافيّة. إذ يقومُ المركزُ بتوثيقِ جرائمِ التطرُّفِ والإرهابِ بكلِ أشكالها، عبر جمع الأدلةِ والبياناتِ حول جرائمِ الأنظمةِ الدكتاتوريةِ ضدَّ أبناء الشعبِ العراقي، وجرائم الحركات الإرهابية والمتطرُّفة، وجرائمِ التطرُّف والإرهاب واستهداف المدنيين، ويستخدمُ المركزُ أفضلَ الوسائلِ لتوثيقِ جرائمِ التطرُّف، ويعمل على دراسة مخلفاتها السلبية، وتحليل آثارها ونتائجها، واقتراح معالجاتها، وتقديم المشورة والدعم الفني في هذه المجالات.
وأخذَ المركزُ على عاتقِهِ تلبيةَ تطلعات الباحثـينَ والمؤرخينَ والمهتمـينَ بشأنِ التّوثيـقِ ودراساتِ التطرُّف وجرائمِهِ، ولم يغفلْ ضرورةَ نقلِ تلك الدّراساتِ والتوثيقاتِ إلى المجتمعاتِ الدوليّة؛ ليعلموا مدى معاناةِ أبناءِ الشّعبِ العراقي من شمالهِ إلى جنوبهِ. ويهدفُ لنشرِ العلمِ والتسامحِ والحوارِ والتفاهمِ ونبذِ العنُفِ والتطرُّف.
بتاريخ 20/12/2022، تكلل الجهد الحكومي وغير الحكومي في العراق، وضمن استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، إلى اعتماد مشروع قرار المعنون: “اليوم الدوليّ لمنع التطرف العنيف عندما يفضي إلى الإرهاب” الذي تقدم به (العراق) وبالشراكة مع دولة قطر، والمملكة الأردنيَّة الهاشميَّة، وسلطنة عمُان)، تحت البندين 14 و121 من جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والسبعين؛ إذ أقامت برعاية القرار (36 دولة)، وبهذا أصبح يوم 12 شباط بصورة رسميَّة اليوم الدوليّ لمنع التطرف العنيف المُفضي إلى الإرهاب.
إذ تشير بنود القرار إلى الآتي:
- تقرر إعلان يوم 12 شباط من كل عام يوماً دولياً لمنع التطرف العنيف عندما يفضي إلى الإرهاب؛ من أجل التوعية بالتهديدات المرتبطة بالتطرف العنيف عندما يفضي إلى الإرهاب، وتعزيز التعاون الدولي بهذا الصدد.
- الإشارة إلى خطة عمل الأمين العام للأمم المتحدة لمنع التطرف العنيف عام 2016.
- تأكيد التزام الدول الأعضاء بأن تتخذ التدابير الرامية إلى معالجة التطرف العنيف المؤدي إلى انتشار الإرهاب، مع احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي للاجئين، والقانون الدولي الإنساني.
- المسؤولية الرئيسة للدول الأعضاء ومؤسساتها الوطنية في مكافحة الإرهاب.
- أهمية دور المنظمات غير الحكومية الدولية، والمجتمع المدني، والأوساط الأكاديمية، والزعماء الدينيين، ووسائط الإعلام في مكافحة الإرهاب، ومنع التطرف العنيف عندما يفضي إلى الإرهاب.
- إن الإرهاب والتطرف العنيف، عندما يفضي إلى الإرهاب، لا يمكن ولا ينبغي ربطهما بأي ديانة، أو جنسية، أو حضارة، أو جماعة عرقية.
- تأكيد الإدانة القاطعة للإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، بوصفه عملاً إجرامياً لا يمكن تسويغه.
- تعزيز التعاون الدولي لمنع التطرف، والإرهاب، والتطرف العنيف عندما يفضي إلى الإرهاب.
- الدعوة إلى جميع الدول الأعضاء والكيانات المنضوية تحت اتفاق الأمم المتحدة العالمي؛ لتنسيق مكافحة الإرهاب ومؤسسات منظومة الأمم المتحدة، في حدود مواردها المتاحة، وكذلك المنظمات الدولية والإقليمية والأخرى، وغيرها من الجهات المعنية، بما في ذلك المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والأوساط الأكاديمية ووسائط الإعلام، إلى الاحتفال بهذا اليوم الدولي بطريقة مناسبة، بسبل منها أنشطة التثقيف، والتوعية العامة، وتبادل أفضل الممارسات في هذا الصدد.
إن الاحتفاء بهذه المناسبة في العراق من قبل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، واستعراض جهودها في مكافحة التطرف والإرهاب، هو تأكيد لقيم الحوار، والتعايش السلمي، والسلام، والعدالة، والكرامة، والإنسانية التي نشترك فيها جميعاً، وكذلك تأكيد لمقاصد الأمم المتحدة ومبادئها، وأن خطة العمل لاتباع نهج شامل لا يشمل الإجراءات الأمنية الأساسية لمكافحة التطرف فحسب، وإنما اتخاذ خطوات وقائية منهجية لمعالجة الظروف الأساسية التي تدفع الأفراد إلى التطرف والانضمام إلى الجماعات المتطرفة العنيفة.