banarlogo

خصائص حوادث التطرف العنيف في العراق لعام 2004م

16_أيار_اليوم_الوطني_للمقابر_الجماعية copy
  د. ثائر الخيكاني
 شهد عام 2004م أحداثا سياسية وأمنية كان لها أثر واضح في تصاعد أعمال العنف بوتيرة متسارعة عن العام السابق، ومن أهم تلك الأحداث تشكيل الحكومة المؤقتة في حزيران 2004م برئاسة إياد علاوي، فضلاً عن تشكيل لجنة لكتابة الدستور العراقي، والتحضير لإجراء أول انتخابات ديمقراطية تعددية في العراق في كانون الثاني 2005م، إذ أسهمت التطورات السياسية في إثارة غضب بعض فئات السكان التي شعرت بتهميشها، ولاسيما الذين يعيشون في مناطق ذات تركيبة سكانية متنوعة (أثنوغرافية)؛ مما سبب عزوف شريحة مهمة عن المشاركة في الانتخابات، بعد صدور فتاوى من بعض رجال الدين المتطرفين الذين حرموا المشاركة، وفي الوقت نفسه حثوا شباب هذه المناطق على عدم الانخراط في صفوف القوات الأمنية؛ لأسباب طائفية، هذه الأمور وغيرها قد مهدت الطريق لاستغلال هذه الاختلافات من قبل التنظيمات الإرهابية؛ فكانت من الأسباب الرئيسة لاستمرار أعمال العنف في العراق، ودافع رئيس لها  لتكثيف عملياتها الإرهابية؛ لغرض إفشال التجربة السياسية الجديدة، هذا من جانب.
    ومن جانب آخر، كانت نقطة التحول فيما يتعلق بزيادة العمليات الإرهابية لجماعة التوحيد والجهاد في العراق بيعتها لتنظيم قاعدة الجهاد بقيادة أسامة بن لادن في شهر تشرين الأول من العام 2004م، وتحويل اسمها إلى تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين، وذلك بعد مشاورات عديدة استمرت لمدة ثمانية أشهر، على إثر ذلك خرج ابن لادن بتسجيل صوتي يقبل فيه بيعة الجماعة، ويدعو رجال القاعدة للانصياع والطاعة لأمير القاعدة في العراق (أبو مصعب الزرقاوي)؛ مما أدى إلى ارتفاع الدعم من داخل العراق وخارجه لهذا التنظيم على المستويات كافة، وهذا ما سبب في تزايد أعمال العنف والإرهاب في مدن العراق جميعاً.
وعلى إثر المتغيرات الداخلية (العزوف عن المشاركة في الانتخابات، وعدم الانخراط في الأجهزة الأمنية وغيرها)، فضلاً عن المتغيرات الخارجية عبر إعلان ارتباط التنظيمات الإرهابية في العراق بتنظيم القاعدة؛ مما سمح لها بزيادة إمكانياتها البشرية والمادية؛ من أجل تنفيذ عملياتها الإرهابية، التي بلغت في عموم محافظات العراق لسنة 2004م (323) عملية إرهابية؛ مقارنة بـ (1.2) عملية عام 2003م، وقد ركّز الإرهابيون عملياتهم على الأهداف ذات الطبيعة السياسية والأمنية والدينية.
توزعت تلك العمليات على محافظات العراق بحسب الجدول الآتي.
بغداد 146
نينوى 31
صلاح الدين 26
الأنبار 26
بابل 16
كركوك 16
ديالى 13
البصرة 8
النجف 7
كربلاء 6
ذي قار 5
أربيل 2
الديوانية 1
واسط 1
 ومن أهم تلك العمليات الإرهابية التي حدثت في هذا العام، هجوم انتحاري مزدوج يوم 1/2/2004م على مكاتب الأحزاب السياسية الكردية في محافظة أربيل، إذْ فجر الإرهابيون أجسادهم بين مئات المتجمعين؛ لتقديم التهنئة بمناسبة عيد الأضحى، وراح ضحية هذه التفجيرات (50) شهيداً، وجرح (133) آخرون، ووقع انفجار سيارة مفخخة قرب مركز تطوع للجيش العراقي  في محافظة بغداد يوم 2/3/2004، واستشهد في هذا التفجير (58) متطوعاً، وجُرح (167) آخرون، فضلاً عن مجزرة إحياء زيارة عاشوراء في محافظة كربلاء المقدسة، ومدينة الكاظمية المقدسة يوم 2/3/2004م، بواسطة سلسلة من التفجيرات الإرهابية أسفرت عن استشهاد (178) شخصاً، وإصابة (500) آخرين، وحدثت سلسلة تفجيرات في محافظة البصرة بسيارات مفخخة يوم 21/4/2004م، استشهد فيها (74) شخصاً، وأصيب أكثر من (100) شخص، في حين حدثت تفجيرات بتاريخ 24/6/2004 استشهد فيها (60) شخصاً، وجرح (220) آخرون، فيما أدى تفجير بتاريخ 24/10/2004 في محافظة ديالى إلى استشهاد (50) شخصاً، وحدث تفجير آخر في محافظة النجف بتاريخ 19/12/2002 راح ضحيته (62) شهيداً، وجرح (1320) شخصاً.
وقد سجل عام 2004م عدد الشهداء (2171) شهيداً، و (4212) جريحاً، في حين سجل عام 2003 عدد شهداء (391) شهيداً و (1441) جريحاً.
إن موجة العنف التي طالت العراق شكلت تحدياً واضحاً لنسيج المجتمع العراقي بأكمله، وإحدى أهم أسباب تأججها هي عمليات القتل العشوائي ضد المدنيين، ولاسيما العمليات الموجهة إلى مناطق ذات مكون معين، ثم شمول الموجة إنحاء البلاد كافة، وكان لأساليب القتل الوحشية من قبل العصابات الإرهابية التي طالت آلاف السكان عاملاً محفزاً لتضاعف العنف وازدياده، بما تنطوي عليه تلك الأساليب من دلالات طائفية.
خريطة العمليات الإرهابية في العراق بحسب المحافظات لعام 2004