الحقد على حزب البعث والثورة مسوغاً للإقصاء الوظيفي
الدكتور ثائر الخاقاني
إن التسلط والحكم الاستبدادي الذي انتهجه حزب البعث منذ تسلم السلطة في العراق لم يدع حجة إلا واستخدمها في سبيل إقصاء مناوئيه عن الحياة العامة، حتى وصل الأمر إلى إزهاق أرواح مواطنين عراقيين لم يصدر منهم فعل مضاد ومخالف للقوانين، فأخذ البعثيون يتهمون الآخرين بجرائم عدم الولاء، أو الحقد على الحزب والثورة، على وفق تقارير ومعلومات كيدية ترد من مصادرهم المختلفة تفتقر إلى دليل موضوعي، وإنما تعبر عن عداء، أو رغبات شخصية، أو استهداف طائفي، وعقائدي، وفكري؛ من أجل كسب ود الجهات الحزبية والأمنية التي يتم تزويدها بتلك التقارير المُضللة، وعلى وفق ذلك تساق مختلف التهم للمواطنين؛ بسبب التردد على دور العبادة، وحضور المجالس والمحاضرات الدينية، أو سماعها من خلال جهاز الراديو، أو عدم الحضور للمشاركة في الاحتفالات السياسية التي يتبناها البعث بمناسباته الخاصة، وهذا يُفسّر من قبلهم بأنه حقد على الحزب والثورة، بدون إيجاد مسوغ لمن يتعذر عليه الحضور لتلك المناسبات، ليواجه من يتهم بتلك التهم بالعديد من العقوبات منها: الإعدام أو السجن المؤبد، أو العزل من الوظيفة، وغيرها.
وتوضح الوثيقة الآتية الصادرة عن وزارة التربية بالعدد (2921) المؤرخة في 30/4/1981 والمعنونة إلى مجلس قيادة الثورة – مكتب أمانة السر، الخاصة بطلب نقل الموظفين بناءً على معلومات أمنية صادرة عن وزارة الداخلية تفيد بأن الذوات المدرجة أسماؤهم وعناوينهم ووظائفهم من العناصر الحاقدة على الحزب والثورة، وتقترح وزارة التربية في هذه الوثيقة إبعادهم عن الوظائف، ونقلهم من صفة مدرس إلى وظائف كتابية خارج وزارة التربية، وأخيراً مصدقة بتوقيع وزير التربية.
من خلال الاطلاع على تفاصيل هذه الوثيقة السرية يتبين عدم وجود أي تهمة، أو دليل يفسر ماهية جريمة الحقد، وإن هكذا إجراء يكون سبباً لجعل أغلب المواطنين، وعلى أقل الأسباب معرضين لعقوبات بحسب رغبات أزلام السلطة، وأجهزتها القمعية، إن هذه الوثيقة تفسر سياسة الظلم والاضطهاد التي تتبعها الحكومة في عمل أجهزتها الأمنية بحق المواطنين، وما يتبعها من قرارات وأحكام تَعسفية جائرة، بعيدة عن القانون والعدالة، وأبسط حقوق الإنسان التي كفلها القانون الدولي.