د. محمد جبّار الكريزي
مقدّمة:
تُعدّ زيارة الأربعين حدثاً محليّاً، إقليمياً، وعالميَّاً مهمَّاً، تتجسّد فيه معاني القيم، والعطاء والإيثار، والنّهضة والإصلاح، والمواقف النبيلة، والمثل السامية الَّتي نادى بها الإمام الحسين (عليه السلام)، وجاد بنفسه وأهل بيته من أجل تجسيدها على أرض الواقع، ويتوافد الناس إلى كربلاء في زيارة الأربعين لتجديد العهد مع سيَّد الشهداء (عليه السلام) بالقول: إنّنا ماضون على ما مضيت عليه في طريق الإصلاح والأمر بالمعروف، وتجسيداً لقولك الخالد: “إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنَّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحق، ومن رَدَّ عليَّ هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين”، وهذا الحدث تتعاطى معه وسائل الإعلام بعنوانات مختلفة إيجابيّة منها وسلبيّة على وفق السياسة الإعلاميّة والأيدلوجيّة الَّتي تنطلق منها تلك الوسيلة.
فضلاً عن التعتيم الإعلامي من قبل وسائل الإعلام العربيّة والغربيّة، وكذلك بعض القنوات العراقيّة سواء من داخل العراق وخارجه، إذ يرى الكاتب أن الضعف في التغطية الإعلاميّة يعود لسياسة وأجندة المؤسّسة الإعلاميّة والتعتيم الإعلامي والتجاهل المتعمّد من قبل الإعلام الغربي والعربي لتغطية الزيارة الأربعينيّة الَّتي تحدث كلّ عامٍ في العراق، إذ توافد على كربلاء أكثر من (22) على وفق إعلان العتبة العبّاسيّة يوم الأربعاء (6 أيلول 2023)، أن “العدد الكلّي لزائري أربعينيّة الإمام الحسين (عليه السلام) في محافظة كربلاء المقدسة بلغ 22,019,146 زائر” هذا العام.
وطرح الكاتب تساؤلاً عن هذا التجاهل بالقول: لماذا تتجاهل بعض وسائل الإعلام (المرئيّة، والمسموعة، والمقروءة، ومواقع التواصل الاجتماعي)، العراقيّة والعربيّة والغربيّة زيارة الأربعين والزائرين الوافدين على كربلاء بتجمهر دينيّ سلميّ يمثّل قيم الفداء والصبر والعطاء؟، إذ يرى الكاتب هذا التجاهل لا يخلو من مجموعات ضغط تمتلك السّطوة والتأثير على إدارة الماكنة الإعلاميَّة الَّتي تعمل على توجيه الرأي العام العربي والعالمي إزاء قضايا أقلّ أهميّة من زيارة الأربعين.
إنَّ زيارة الأربعين حدث كبير وعالميّ لا تتعامل معه وسائل الإعلام بحجم العمق الروحيّ والمعنويّ والبشريّ الوافد لمدينة كربلاء، إذ تعمدُ بعض الوسائل الإعلاميّة التعتيم الإعلامي على إخفاء الأخبار والمعلومات والحقائق عن الجمهور العربيّ والغربيّ عن طريق السيطرة والتأثير على المؤسّسات العالميّة، وتسليط الضوء على قضايا وأحداث أقلّ أهميّة من زيارة الأربعين.
فالمسؤوليّة الاجتماعيّة والأخلاقيّة والإعلاميّة تتمثّل في نقل الأحداث والوقائع كما هي دون إقحام الرأي الشخصيّ والإسقاطات الطائفية للوسيلة، والمقدّم في المادة الخبريّة، وعرض آرائه وأفكاره وميوله الخاصّة الَّتي قد تختلف في أحيان كثيرة مع ما هو موجود على أرض الواقع، وتلفيق الأخبار الكاذبة في صحيفة “الشرق الأوسط” في زيارة الأربعينيّة عام 2016 خير مثال على ذلك.
إنَّ المسؤوليّة الأخلاقيّة والإعلاميّة تُحتّم على وسائل الإعلام مراعاة ضوابط في نقل الأخبار والمعلومات والحقائق للمتلقّي، فقد قامت الباحثة (نادية ناجي غدير) بوضع بعض الضوابط المهنيّة والأخلاقيّة والإعلاميّة مستندة في ذلك على ما جاء في كتب ومنهجيّات الصحافة والإعلام، الَّتي يحتّم على الوسائل الإعلامية كافّة (المسموعة والمقروءة والمرئيّة) الالتزام بها:
-
إقحام الرأي الصحفي في الخبر: يقصد به قيام الصحفي بإدخال رأيه الشخصيّ في المادّة الخبريّة وعرض آرائه وأفكاره وميوله الخاصّة الَّتي قد تختلف في أحيان كثيرة مع الخبر المكتوب.
-
الحذف: هو إزالة بعض التفصيلات من الخبر وعدم إظهارها للقارئ لسبب أو لآخر.
-
التحريف: هو التلاعب بالمعلومات الَّتي يتضمّنها الخبر، وعدم عرض الخبر كما هو، وتغيير مساره؛ لخلقِ انطباع مخالف لما جاء في مضمون الخبر؛ لإعطاء معنى مختلفا”.
-
التوظيف: قولبة الخبر لخدمة الوسيلة بما يخدم سياستها واتجاهاتها، وعدم عرض معلومات الخبر مثلما وردت، بل وتوظيفها لصالح قضيّة أو قضايا أُخرى.
-
الإضافة: هي الزيادة الَّتي يُضمّنها الصحفي في الخبر، وقد تكون الإضافة متعلّقة بخلفيّة الخبر المنشور وصياغة تلك الخلفيّة بما يتلاءم وتوجّه المؤسّسة وبما يخدم أهدافها ويعكس أراءها، فالزيادة هنا قد لا تكون المعلومات المتعلّقة بالخبر فحسب، بل تضمين معلومات أُخرى لا تمت للخبر بصلة.
-
مجهوليّة المصدر: يُقصد بها الممارسة الَّتي ينتهجها معظم الصحفيين للالتفاف حول حدود الموضوعيّة بعدم ذكر البيانات الكاملة عن مصدر الخبر وعدم ذكر الجهة الَّتي منها أُخِذَ الخبر، والذي من شأنه التشكيك بمصداقيّة الخبر من جهة، وضعف موضوعيّته من جهة أُخرى.
-
الإيحاء: هو عدم الإشارة لموضوع الخبر بصورة مباشرة، والتلاعب بالمفردات والصياغة الخبريّة، ووضع تساؤلات من الممكن أن تكون انطباعات أُخرى.
-
المبالغة والتضخيم: استعمال الصحفي عبارات وجمل مشحونة وتضمينها في الخبر، وقد يحتوي الخبر معلومات غير دقيقة ومبالغ فيها، فتظهر الأخبار على غير حقيقتها أو الأهميّة الَّتي تنطوي عليها.
-
عدم التوازن: يقصد به أخذ جانب ضد آخر، وتفضيل موقف سياسي على موقف آخر، وعدم إعطاء الأطراف المتعلّقة بالخبر الدرجة نفسها من التوازن أو الأهميّة .
-
الأهميّة وعوامل الإبراز: تعني إعطاء أهميّة خاصة لخبر معيّن ومحاولة إبرازه بوسائل الإبراز المختلفة، كأن يكون بـ(مانشيت عريض) أو نشر الخبر في الصفحة الأولى، أو عن طريق التصميم، وغالبا “ما تأتي أهميّة أو إبراز هذه الأخبار على حساب أخبار أكثر أهمية” وذلك تبعاً لسياسة المؤسسة الَّتي تمنح تلك الأهميّة وفقاً “لتوجهاتها وأهدافها حتى لو لم يكن ذلك الخبر على قدرٍ من الأهمية”.
-
التلوين: إضفاء صبغة على بعض الأخبار والوقائع، فيتعرّض الخبر نتيجة لذلك إلى التشويه وفقدان الموضوعيّة، وأحيانا “تحمل تلك الأخبار معلومات لم ترد في الخبر مشكوك في مصداقيتها”.
-
التعليق: وفيه يقوم الصحفي بالتفسير مرّة، والتعقيب مرّة ثانية، والاستنتاج مرّة ثالثة، وعدم الاكتفاء بعرض الخبر وحسب، بل التعليق عليه عن طريق أشكال التعليق المذكورة أعلاه .
أوَّلاً. زيارة الأربعين:
قال الكفعمي -رحمه الله-: إنَّما سُمّيت بزيارة الأربعين لأنَّ وقتها يوم العشرين من صفر فيكون أربعين يوماً من مقتل الحسين (عليه السلام) في العاشر من المحرّم، وهو اليوم الَّذي ورد فيه جابر بن عبد الله الأنصاري من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين (عليه السلام)، فكان أوَّل من زاره من الناس، وفي هذا اليوم أيضاً كان رجوع حرم الحسين (عليه السلام) من الشام إلى كربلاء مرّة أخرى بقيادة الإمام زين العابدين (عليه السلام) فالتقى بجابر الأنصاري (رض).
ولأهميّة هذا اليوم عدّ من علامات المؤمن فيه أن يزور قبر الحسين (عليه السلام) كما جاء في الحديث عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والتّختّم باليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
ثانياً. الصورة والإشارات السيمائيّة في زيارة الأربعين:
-
كبار السنّ وأصحاب الاحتياجات الخاصة يقصدون كربلاء:
-
صغار السنّ يتوافدون على كربلاء الحسين-ع-:
-
الزينبيَّات العراقيَّات يواسين السيدة زينب(ع) ويشاركن في أربعينيَّة كربلاء:
ثالثاً. التعتيم الإعلامي Media_blackout:
يُعرّف قاموس المعاني التَّعتيم الإعلاميّ: إخفاء الأخبار عن الجمهور عن طريق الرَّقابة، وسياسَةُ التَّعتيم: ستر الحقائق وشؤون البلاد عن الرَّعيَّة والتَّكتُّم في اتّخاذ القرارات الهامّة والخطيرة.
وكذلك يشير تعتيم وسائل الإعلام إلى الرقابة على الأخبار المتعلّقة بموضوع معين، ولاسيَّما في وسائل الإعلام، لأيّ سبب من الأسباب. قد يكون التعتيم الإعلامي طوعيّاً، أوقد يُطبَّقُ في بعض البلدان من قبل الحكومة، والحالة الأخيرة مثيرة للجدل في زمن السلم، إذ يعدّها بعض النَّاس انتهاكاً لحقوق الإنسان وقمعاً لحريَّة التعبير، تعتيم الصحافة عبارة مماثلة، ولكنَّها تشير تحديداً إلى الوسائط المطبوعة.
فالتعتيم الإعلامي الَّذي تمارسه وسائل الإعلام العربيّة والغربيّة هو إخفاء حقيقة زيارة الأربعين على الجمهور؛ وذلك لأسباب سياسيّة ومذهبيّة مقصودة، وبعضها غير مقصودة بسبب التأثير والسطوة على وسائل الإعلام من قبل المُموّلين.
وقد نشرت صحيفة إلكترونيَّة في بريطانيا والولايات المُتَّحدة (هافينجتون بوست) مقالاً بعنوان: أعظم تجمْهُر دِيني في العالم يحدث الآن (أثناء إحياء مراسيم أربعينية الإمام الحسين عليه السلام)، إذ يُوعِز كاتب المقال التَّعتيم الإعلامي على زِيارةِ الأربعين إلى عَدَمِ اكتراثِ الإعلام الغَربي بالقِصص الإيجابية الملهمة، خصوصاً فيما يرتبط بمذهب أهل البيت (ع). في حالة تعتيم ليست جديدة، بل هي مستمرة كمنهج إعلاميّ غربيّ يقصي هذه القضيّة الإنسانيّة الكبرى كما غيرها إذا تعلّقت بأهل البيت.
رابعاً. المسؤولية الأخلاقية:
يُقسّم جميل صليبا في المعجم الفلسفي المسؤوليّة إلى ثلاث مسؤوليّات: (مسؤوليّة مدنية، ومسؤوليّة جنائية، ومسؤوليّة أخلاقية)، والمقال الحالي يتناول المسؤوليّة الأخلاقيّة، لذا نسلّط الضوء على المسؤولية الأخلاقية من الجانب الفلسفي:
تحدّث الكاتب محمد الشافعي في كتابه عن المسؤوليّة والجزاء في القرآن الكريم، إذ يقول تُعدّ المسؤوليّة الأخلاقيّة المسؤوليّة الناشئة عن إلزاميّة القانون الأخلاقي وعن كون الفاعل ذا إرادة حرّة، ومعنى ذلك أنَّ الفاعل الَّذي تكون أفعاله ناشئة عن أسباب طبيعيّة أو مسيّرة بإرادة غيره لا يُعدُّ مسؤولاً من الناحية الأخلاقيّة، ولهذه المسؤوليّة درجات متفاوتة، أعلاها مسؤوليّة الفاعل الواعي الَّذي تَصدرُ الأفعال عن إرادته بحريّة كاملة، وأداناها مسؤوليّة الفاعل الَّذي يسيطر الهوى على قلبه ويعمي بصيرته، ويقسمها علماء الدراسات الإنسانيّة إلى ثلاثة أنواع: مسؤوليّة دينيّة، ومسؤوليّة أخلاقيّة أو أدبيّة، ومسؤوليّة اجتماعيّة، تبعاً لاختلاف المصدر الَّذي تُستمدُّ منه المسؤوليّة، وهذه المصادر هي (الله – الضمير – المجتمع).
فضلاً عن المسؤولية الأخلاقيّة لوسائل الإعلام الَّتي تؤكّد على نقل الأخبار والأحداث بعمق تأثيرها وجمهورها وعدم إسقاط الجوانب الشخصيّة على العمل الإعلامي.
ومبادئ الإعلام تؤكد على المهنية والمصداقية في الأداء والممارسة الإعلامية الميدانية.
خامساً. لماذا يتجاهل الإعلام زيارة الأربعين:
وصف تقرير أوربي (راديو”اوستين” الاوربي) في تقرير نقلته وكالة “أنباء فارس” وتابعته “السومرية نيوز” عام 2014، الزيارة المليونية في ذكرى أربعينية الإمام الحسين (ع) بأنَّها أضخم المسيرات الدينيّة والسياسيّة في العالم، مشيراً إلى أنَّ وسائل الإعلام الغربيَّة ترتكب خطيئة إعلاميّة بتجاهل هذا الحدث العالمي بمشاركة أكثر من (20) مليون شخص قَدِموا من أكثر من (80) دولة في العالم، فضلاً عن أنَّ التجاهل يقع في خانة التعتيم الإعلامي إزاء زيارة الأربعين، وكما مبيّن في أدناه:
-
يُظهر قوّة المسلمين الشيعة وهذا يشكّل مصدر قلق وإزعاج لبعض الدول العربيّة.
-
يُمثّل أكبر تجمهر ديني في العالم، وهذا يُحسب كمنقبة للمسلمين الشيعة على مستوى العالم.
-
يُشكّل تحدّياً للإرهاب بسبب حضور عدد كبير من المواطنين على كربلاء على الرغم من التحديات الأمنيّة والإرهابيّة.
-
يُعدُّ رسالة إلى كلّ دول العالم بوجود تجمّع على تنظيم عالي من الوحدة والشعارات الموحّدة إزاء شخصيّة واحدة.
-
تطلق إشارات رفضِ الظلم والركون إلى الحاكم الجائر، وهذا يُزعزُ وجود كثير من رؤساء الدول العربية الَّتي تتقاسم السلطة عن طريق التوريث.
-
يفوق عدد الوافدين إلى كربلاء أعداد موسم الحج بخمس مرّات، وهذا يشكّل مصدر أرباك وقلق عقائدي، والَّتي ترى بهذا الوجود مصدر مزاحمة من الناحية العقائديّة، والدينيّة.
-
يجعل العراق محطّ أنظار العالم ويُبرز شكل هذا المعتقد الَّذي حاول الكثير عن طريق الإعلام تشويه صورة الشيعة في العالم.
-
تُشكّل زيارة الأربعين مصدر دعوة للإسلام وهذا ما حصل لبعض الأجانب بعد 2003، وقصّة الرجل الأسترالي الَّذي ذكرته صحيفة الاندبندت البريطانية عندما تخلّى عن ديانته ودخل للإسلام في رحلته الاستكشافية بعد مشاهدة تقرير عن زيارة الأربعين.
-
تُمثّل زيارة الأربعين إنجازاً كبيراً للعراقيين الَّذي ساهموا بروح الفريق الواحد لإنجاح هذه الزيارة، فنجاح الزيارة السابقة في كافة المجالات واستيعاب أعداد الزائرين من داخل العراق وخارجه، ومنع حصول أيّ خرق أمني يعكس بوضوح حسن الإدارة والتنظيم والجهود الاستثنائية لمختلف الجهات المشرفة عليها، وهذا الأمر لا يروق لوسائل الإعلام الغربيّة والعربيّة المرتبطة بأجندة عدائيّة للطوائف الدينيّة والمسلمين الشيعة على وجه التحديد.
سادساً. مقارنات بين زيارة الأربعين وتجمعات أخرى:
يستعرض مقال في صحيفة الاندبندت البريطانية عام 2014، مقارنات بين التجمهر المليوني في زيارة الأربعين ومشاريع دوليّة كبيرة مثل المساعدات الَّتي قدمتها وزارة الدفاع الأمريكيّة لضحايا زلزال هايتي، إذ تمّ توزيع (4) ملايين وجبة طعام، فإنَّ نحو (200) مليون وجبة طعام توزع في العراق خلال فترة الزيارة، وكلّ ذلك من نفقات المتطوّعين والخيّرين، فضلاً عن مجانية (الأكل، والشرب، والنقل، والسكن، وبعض الأمور اللوجستية…)، ومن هذه التجمعات نورد الآتي:
-
الحج:
الحجُّ في الإسلام هو حج المسلمين إلى مكّة المكرّمة في موسم مخصّص من كلّ عام، وله شعائر معيّنة تُسمّى مناسك الحج، وهو واجب لمرّة واحدة في العمر لكلِّ بالغٍ قادرٍ من المسلمين، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام، بينما الناس يقصدون كربلاء كلّ عام في زيارة الأربعين مشياً على الإقدام، فضلاً عن تقديم الخدمة المجانيّة للزائرين الوافدين إلى كربلاء من داخل العراق وخارجه.
-
مهرجان كومبه ميلا الهندوسي الكبير:
يُعدُّ مهرجان كومبه ميلا حجّاً هندوسيّاً كلّ ثلاث سنوات، ويحضر (25) مليون شخص. بينما زيارة الأربعين تعادل هذا العدد من حجاج الهندوس.
-
ماراثون:
هو اختبار تحمل في رياضة ألعاب القوى، يكمن في الركض لمسافة 42 كم، وهو جزء من الألعاب الأولمبيّة من عام 1896، بينما الوافدين لكربلاء من البصرة مثلاً يقطعون مسافة أكثر من هذه المسافة بعشرات المرّات إلى كربلاء.
-
مصارعة الثيران في اسبانيا:
تُعدُّ مصارعة الثيران رياضة إسبانيّة قديمة تتمّ فيها مواجهة بين المصارع والثور في حلبة على مرأى ومسمع من الناس، وفي إسبانيا يقتل 300 الف سنويا، وهذه المشاهد الدمويّة من قتل للحيوانات والإنسان تلقى تغطية إعلاميّة عربيّة وغربيّة في إسبانيا والبرتغال وفرنسا والمكسيك، بينما زيارة الأربعين تظاهرة مليونيّة سلميّة تتجسد فيها قيم الصبر والتحمّل والإيثار والوجدان لا يتمّ تغطيتها من قبل المؤسسات الإعلاميّة في العراقة وخارجه بشكل مناسب.
وهناك الكثير من التجمعات الدينية والرياضيّة في الغرب والوطن العربي يتمّ التعاطي معها بتغطية إعلاميّة واسعة من قبل الإعلام العربي والغربي؛ بهدف إشغال الرأي العام العربي عن قضاياه المصيريّة والأساسيّة، ومنبع الإسلام الصحيح.
وبناءً على ذلك كلّه، يتمّ تسليط الضوء على هذه التجمعات الجماهيرية في الغرب من قبل الإعلام الغربي والعربي ويكون لها صدى إعلاميَّاً بين الجمهور العربي من قبل القنوات العربيّة ذات التأثير في المتلقي.
سابعاً. الصحافة الغربيّة وزيارة الأربعين:
-
صحيفة الكومنتري الأمريكية: كربلاء العراق الجديد
في مقال نشر بعنوان (كربلاء العراق الجديد) سلّط الكاتب الأمريكيّ (مايكل روبن) في صحيفة الكومنتري الأمريكيّة الضّوء على الأثر الإيجابي الَّذي تؤديه كربلاء المقدّسة.
ويؤكد روبن بانه: “لَمِنَ المؤسف بأنَّ هناك غفلة تامّة من قبل الصحفيين الغربيين تجاه ما تقدّمه هذه المدينة لمختلف شرائح المجتمع العراقي في كلّ المناسبات الدينيّة.
-
صحيفية الاندبندت البريطانية: أكبر تجمع عالمي
تقول الكاتبة البريطانية (ليزي ديدرين) عام 2014، إنَّ زيارة الأربعين هي أكبر تجمّع عالمي، وأكّدت ديدرن وجهة نظرها بأنَّ: “هذا التجمّع الَّذي يحضره قرابة العشرين (مليون) زائر من أكثر من (40) دولة يُعدُّ الأكبر في العالم”، مشيرة إلى الانتهاكات الَّتي حصلت على زائري كربلاء إذ قالت: بالرغم من استهداف الزائرين وتعرّضهم للقتل إذ انفجرت سيارة العام الماضي لتودي بحياة 24 زائر وغيرها من الأحداث الَّتي تحصد أرواح كثير من البشر، بالإضافة إلى تهديد العصابات الإجراميّة المتمثّلة بداعش على استباحة دم المسلمين الشيعة وإقامة دولة الخرافة، لكنَّ الزائرين غير مبالين بما يحصل.
-
صحيفة هافينجون بوست البريطانية: أعظم تجمهر ديني على الارجح لم تسمع به
تستعرض الصحيفة المتابعة في بريطانيا وأمريكا مقال تحت عنوان (أعظم تجمهر ديني على الأرجح لم تسمع به)، تُورد فيه الأدلة الَّتي جعلت من زيارة الأربعين أعظم وأكبر وأرقى تجمهر ديني في العالم، إذ يفوق عدد الزائرين عدد الحجّاج بخمسة مرّات.
بناءً على ما تقدَّم ذكره نستنتج:
-
لا توجد وسيلة إعلاميّة محايدة أو مستقلّة مهما حاولت تلك الوسائل صنع ذلك الحياد؛ فالصحف العربيّة والغربيّة مثلاً يلتزم العاملون بها بالتوجّه السياسي للمؤسّسة على حساب الحقيقة الَّتي يجب أن تَظهَرَ للناس، وهذا ما انطبق على وسائل الإعلام الغربيّة والعربيّة الَّتي التزمت وبشكل كبير بسياسة الداعم لها.
-
أصبح (الإنترنت) مصدراً مهمّاً في عمليّة استقاء الأخبار لدى أغلب وسائل الإعلام في العالم، ما أدى إلى أن تأتي معظم الأخبار بلا مصدر، ولهذا أثر كبير في مصداقيّة وموضوعيّة الأخبار والمعلومات المنشورة لافتقارها إلى جهة موثوقة تستند إليها.
لذا نقترح جملة من المقترحات ومنها:
-
تعزيز دور الإعلام الإسلامي في تحويل أنظار العالم إزاء هذه التظاهرة المليونيّة مع التأكيد على قيم الصبر ورفض الظلم والإيثار، وهذه القيم مؤثّرة في المتلقي الغربي.
-
استثمار أربعينيّة الإمام الحسين (عليه السلام) الَّتي ضمنت إلى التراث العالمي غير المادّي الإنساني ضمن لائحة اليونسكو.
-
الإفادة من أساتذة الجامعات والمثقّفين والإعلاميين في الكتابة في مجال الزيارة الأربعينية، واختيار الموضوعات المؤثرة على الصعيد العالمي والعربي.
-
عقد الندوات وورش العمل المتخصّصة في مجال الإعلام الإسلامي
-
إنشاء صفحات تواصل اجتماعي ومواقع إلكترونية باللغات الأكثر انتشاراً بهدف التعريف بزيارة الأربعين.
-
نقترح إجراء دراسة ماجستير أو دكتوراه بعنوان “زيارة الأربعين بين التعتيم الإعلامي والمسؤولية الأخلاقية“