د. عباس القريشي
يعد توثيق العمليات الإرهابية ضرورة إنسانية وعلمية، ومن الجدير بالمؤسسات الأمنية والبحثية دراستها دراسة معمقة؛ لمنع تكرارها، وتحقيق العدالة الاجتماعية لضحايا تلك العمليات وتكريمهم، ويوم أمس أعلن المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف عن إصدار تقرير يوثق فيه الدكتور (قيس ناصر) جرائم استهداف الإرهاب لزوار أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) لعقدين من الزمن (٢٠٠٣-٢٠٢٣م)، وبيّن يتن الدكتور بالتفصيل الأعمال الإرهابية التي استهدفت الزوار الشيعة خلال إحيائهم لشعيرة الأربعين. وركز التقرير على الهجمات التي تعرض لها الزوار في أثناء توجههم إلى كربلاء، وأصحاب مواكب الخدمة الشريفة من مختلف مناطق العراق وخارجه، وشمل التقرير توثيقاً للحوادث الإرهابية التي وقعت على طول الطرق المؤدية إلى كربلاء المقدسة.
ومن مطالعتنا للتقرير وجدنا أن الدكتور (قيس ناصر) سعى إلى تسليط الضوء على الأبعاد الطائفية لهذه الهجمات، مبينًا أن هذه العمليات الإرهابية لا تستهدف الأفراد فقط، بل تحاول أيضًا تقويض الروح المعنوية للمجتمع الشيعي المؤمن بقضية زيارة الأربعين بشكل عام، وإحياء مجالس العزاء؛ لتعظيم الشعائر الدينية، ويناقش أثر الجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة وداعش في تنفيذ هذه الهجمات، موضحًا أن هذه الجماعات تسعى إلى زرع الفتنة الطائفية، وزعزعة استقرار العراق، من خلال استهداف المناسبات الدينية ذات الطابع الرمزي العميق.
ولم يغفل التقرير عن متابعة إحصاء الضحايا، وذكر أعداد الشهداء والجرحى، وعبر تتبعه تلمس بنحو جلي مدى استجابة السلطات العراقية لهذه التهديدات، بما في ذلك التدابير الأمنية المتخذة لحماية الزوار، والأثر الذي تؤديه قوات الحشد الشعبي وباقي المؤسسات الأمينة في تأمين الطرق، والمناطق التي يمر بها الزوار. وأشار التقرير إلى التحديات المستمرة التي تواجهها هذه الجهود في ظل تجاذب التهديدات الإرهابية.
ومما تقدم يمكننا أن نجزم في عد جهود الدكتور (قيس ناصر) في تقريره جهودا كبيرة، ومساهمة مهمة في فهم الأبعاد الأمنية والسياسية؛ لاستهداف زوار الأربعين، ويوفر رؤية متعمقة حول تأثير الإرهاب على المجتمعات الدينية في العراق. وندعو الباحثين والمهتمين بدراسة التقرير دراسة تحليلية؛ للاستفادة منه في وقاية المجتمع من التطرف المؤدي إلى الإرهاب.