ا.د. حسين الزيادي
يَصف أحد الرجال الإيزيديين الذين قابلتهم بعثة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والذي عاش بين مقاتلي تنظيم داعش أكثر من عامين، بعد إجباره على ترك ديانته، كيفَ أُعدم جيرانه الشيعة على الفور بمجرد القبض عليهم، دون مَنحهم أي خيار آخر، أما المختطفات الشيعة فيتم اغتصابهن، ثم قتلهن، في حين يتم اختطاف النساء الإيزيديات وأخذهنًّ؛ لأغراض الحيازة والمتاجرة.
لا تقتصر أيديولوجية داعش تجاه الإيزيديين بأي شكل من الأشكال على سلسلة من النصوص المقتطفة يتم إصدارها من وقت لآخر، فالأدلة تبين أن أسر النساء واسترقاقهن جرى بشكل ممنهج ومنظم في إطار الدوائر المختلفة للتنظيم، إذ تجري مراحل عملية شراء امرأة أو طفل إيزيدي من تنظيم داعش على النحو الآتي:
-
يجب على مقاتل تنظيم داعش الذهاب إلى المحكمة الشرعية للحصول على موافقة خطية تخوله حق شراء امرأة أو طفل.
-
يتوجه المقاتل الداعشي إلى مكتب السجناء، إذ يختار المرأة أو الطفل من الصور المتوفرة.
-
يذهب المقاتل إلى مكتب الاقتصاد) بيت المال (، إذ يتعين دفع الثمن المحدد وهو مبلغ ( (1500 دولار للمرأة و 500) ) دولار للطفل، وأخيراً يتوجه المقاتل إلى سجن المختطفات، إذ يحتجز الأطفال والنساء المعروضات للبيع، ويأخذ المرأة أو الطفل الذي اشتراه.
أما في حالة عتق المختطفة فيتم تزويدها بوثيقة صادرة من المحكمة الإسلامية، وقد جلب بعض العائدات الإيزيديات معهن بعض الوثائق الرسمية الخاصة بتنظيم داعش، بما في ذلك شهادة تؤكد تحرير امرأة )عتق رقبة( حصلت عليها المنظمة الدولية لحقوق الإنسان، وكما هو مرفق في نهاية المقال.
وقد تنوعت أشكال ممارسة الملكية على النساء والأطفال الإيزيديين، وشملت مبيعات الأسواق، والمبيعات عبر الإنترنت، والهدايا، والمقايضات، وقد أُهديت الفتيات والنساء الشابات اللواتي تم انتقاؤهن عقب هجوم سنجار مباشرة إلى مقاتلي تنظيم داعش ذوي المراتب الرفيعة، مثل الأمراء، أو ولاة بعض المناطق من ذوي الرتبة العالية، أو تم اقتيادهن إلى منزل يرتاده مقاتلو التنظيم الذين غالباً ما يكونون من المقاتلين الأجانب للاختيار من بينهن،(1) أُخذت بعض الفتيات والنساء الإيزيديات إلى سوريا، في حين بقيت الأخريات في معاقل التنظيم في العراق، وبعد أشهر قليلة من هجوم سنجار، عندما قام التنظيم بفصل النساء عن الرجال في القرى التي كانوا يعيشون فيها بعد اعتناقهم الإسلام حديثاً، أُخذت النساء مع أطفالهن بصورة مماثلة إلى نقاط احتجاز يمكن فيها للرجال الاختيار من بينهن، وتم اقتيادهن إلى أسواق الاتجار بالبشر.
ووفقاً لما كشفته بعض المقتطفات من الرسائل التي عثر عليها في النقالات الخاصة بأعضاء التنظيم، كان هناك سوق إلكتروني للسبايا، فضلاً عن السوق الفعلية، فعندما يَكتب أحد أعضاء التنظيم عن النساء اللاتي يراد بيعهنّ، فإنه يذكر المواصفات مثل: العمر، وحالة العذرية، وعدد مرات التي تم فيها شراء المرأة أو الفتاة من قبل، ويتم إرفاق مواصفات سلوكية إضافية مثل: المتعة الجنسية، والثرثرة، والطاعة ، والتحدث باللغة العربية، وشملت المنشورات في بعض الأحيان صوراً، لكن غالباً ما كانت تتم مشاركتها بشكل خاص مع المشتري المهتم بالأمر، كما تناهى إلى علم بعثة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان أن الآسِرين من تنظيم داعش كانوا يجبرون أسيراتهم على اتخاذ وضعيات مع ملابس كاشفة وملابس ليلية؛ لإغراء المشترين وفي معظم الحالات لا يحدد أعضاء تنظيم داعش سعر البيع في منشوراتهم، بل يضعون سعراً مبدئياً تبدأ به المزايدة.
وتُعد أفعال داعش مخالفة صريحة للمواثيق والأعراف والاتفاقيات الدولية، وأهمها المادة الثامنة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي نصت في الفقرة الأولى على عدم جواز استرقاق أحد، ويحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما، ولا يجوز إخضاع أحد للعبودية، ولا يجوز إخضاع أحد على السخرة والعمل الإلزامي.
(1) مصدر المعلومات هي : البعثتان الدوليتان التي أرسلتهما الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان إلى إقليم كردستان العراق في آب من عام 2017 ، في إطار شراكة وثيقة مع منظمة كِنيات للتوثيق؛ الشريك المحلي للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان (منظمة كِنيات) التي تستند بصورة محدّدة إلى شهادات (16) ضحية، خضعوا للاسترقاق على يد مقاتلين أجانب في تنظيم داعش. ترأس البعثة وفد مؤلف من ثلاثة خبراء: السيدة لؤلؤة الرشيد وهي باحثة وخبيرة في شؤون العراق، والسيدة أمل نصّار وهي خبيرة في توثيق ممارسة العنف الجنسي والجنساني ذي الصلة بالصراعات، والسيد أمير سليمان) من المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام.