د. عطور الموسوي
قد لا يعلم الجيل الجديد أن عراق علي والحسين عليهما السلام عاش حقبة مظلمة تجسد فيها التطرف والطائفية بأبشع صورها..
إنها عقود حكم البعث المشؤومة، ولا سيما حكم الطاغية صدام بعد عام 1979م الذي أساء للأغلبية الشيعية بكل ما للدناءة والقسوة من معنى؛ سجنا وإعداما؛ وتهجيرا؛ ودفنا؛ وإقصاءً من ميادين العلم والعمل، وحصارا اجتماعيا ضيق الخناق على عوائل المعارضين له، بآليات مبتدعة من قبل منافقين أحاطوا به وزادوه ضلالة فوق ضلالته؛ ليتحول إلى طاغية يفوق الفراعنة والظلمة الذين عرفهم التاريخ.
وفي رحاب يوم عاشوراء الحسين الشهيد عليه السلام استحضرتني ممارسات صدامية سعت حثيثة لإلهاء المسلمين عن هذه الذكرى الأليمة على قلوب كل من ينتمي إلى دين جده محمد صلوات الله عليه، أو على الأقل تسطيحها والتقليل من رمزيتها.. ومن هذه الفعاليات الطائفية هي مبادرة الزواج الجماعي الذي تبناها عدي صدام ليكون الزفاف حصرا في يوم العاشر من المحرم، ويقيمه في مكان عام، وتقرع الطبول، وترقص عضوات اتحاد نساء العراق؛ ابتهاجا بهذا الإنجاز الذي لا يكلف الدولة سوى بدلتي عرس من إنتاج معامل وزارة الصناعة!! وعشاءً بائسا يتناسب وسنوات الحصار والتقشف.. المهم في الأمر كله أن يظهر ابن الرئيس المعاق راعياً لهذه الفعالية، ويضحك ضحته الخالية من الحياة، وتصوره الكاميرات، وينزل الخبر السعيد في صحف العراق المعدودة، ومنها جريدة بابل، حيث عدي رئيس تحريرها!!
لماذا هذا اليوم بالذات من دون غيره من مجموع أيام السنة الـ (365) يوما غيره في السنة ؟!
لن يتخيل المرء أنّ ثمة حقداً دفيناً هكذا على اتباع أهل البيت (عليهم السلام).. ولن يتخيل كيف يتوارث الطغاة خسة صارت تسري في جيناتهم!!
وربما لا يعرف الجيل الجديد أن صداما هذا ابتدع شجرة نسب له تعيد أصله المجهول إلى مولانا الإمام علي (عليه السلام)!! وأمر بتعليقها على جدار أضرحة الأئمة (عليهم السلام)، شجرة نسب الريس وذلك مباشرة بعد حرب الثمانية أعوام، إذ واجه بحربه حكومة الإسلام، والعمائم السوداء.. ليعطي لنفسه رمزية السادة في بلد الأئمة والصالحين، فكيف يتفق هذا النسب مع محاربته لشعائر أغلبية هذا الوطن الجريح؟!
وربما لا يعلمون أنه من طغيانه وجّه بكتابة القرآن الكريم بدمه!! كيف يكتب كلام الله بمداد من عين نجسة؟! أقول لمن لا يعرف عنه اقرأوا التاريخ فلربما يأتي يوما ويقال هل أن أهل العراق مسلمون؟ كما قيل عن إمامهم عندما استشهد ساجدا في المحراب، وهل أن عليا من المصلين؟!