المسؤولية الدولية والأخلاقية لحماية المدنيين في النزاعات والحروب
صادق الصافي
قال حكيم -إذا عكست المرآة قبح وجهك، أصلح وجهك، لا تكسر المرآة.؟
إنَّ المجتمع الدولي يؤلمه كثيراً سماع ورؤية الانتهاكات الخطيرة المستمرة للقانون الدولي الإنساني و يندد بكل حرقة بهذه التجاوزات المخجلة غالباً والتي ترتكب يومياً بحق المدنيين الأبرياء في أطراف سوريا واليمن وليبيا والسودان خاصة وكذلك الحرب المميتة بين أوكرانيا و روسيا، الذين يقعون ضحايا القتال والتصادم المسلح والعنف وتهجير الأشخاص بالقوة واللجوء إلى التعذيب بحق المخالفين والاحتجاز التعسفي والاغتصاب أحيانا .
إنَّ قانونَ حقوق الإنسان المطبق في المنازعات الدولية الداخلية والخارجية أيضاً يُعَرَّفْ بأنه مجموعة المبادئ والأحكام المنظمة للوسائل والطرق الخاصة بالحرب وحماية السكان المدنيين والمرضى والمصابين من المقاتلين وأسرى الحرب وتحظر الانتقام كمعيار لا يجوز انتهاكه ويعمل وفق مبادئ إنسانية وأخلاقية إضافة للقواعد القانونية التي نظمتها المعاهدات والقرارات والاتفاقيات الدولية، إضافة الى حماية أرواح الأشخاص المتضررين من حالة النزاع المسلح من خطر الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية من القتل والتشويه والمعاملة القاسية والتعذيب ومنع الاعتداء على الكرامة الشخصية ومنع أخذ المدنيين كرهائن ومعالجة الجرحى والمرضى والعناية بالمعوقين وكبار السن والاهتمام بالسكان المحرومين من الطعام والشراب وتوفير ما يسد رمقهم من الجوع، كما تهدف أيضاً إلى حماية الأموال التي ليست لها علاقة مباشرة بالعمليات العسكرية ومنها الأملاك والأسواق والدور والشركات الأهلية والمكاتب والمعدات والآليات، وحماية الممتلكات الثقافية والدينية والبيئة الطبيعية .
إنَّ الرصاص المتدفق وانفجار القنابل ليس له حدود ولا تقيده قيود، ولا ضوابط ولا تمُيِّز بين البشر المدنيين والمحاربين فينتج عن طيش الرصاص ووحشية المتقاتلين كوارث مدمرة، غالباً تشتمل على ترويع الآمنين بالتهديد والعنف من الطرفين المتحاربين الحكومة والمعارضين لها، بعيداً عن حزمة الفضائل والرحمة وانعدام سماع نداءات الخير والإنسانية.!
لقد شهدَ القانون الدولي الإنساني تطوراً في إنجاز أنظمة وقواعد المساعدات الإنسانية، خاصة بعد أحداث الحرب العالمية الثانية-عقدت الدول العزم على وضع اتفاقيات جديدة نظمت بشكل أفضل مسألة النزاعات المسلحة، واتفاقيات حول مساعدة الضحايا المدنيين، متناغمة مع ما تقوم به شرائع الأديان المحترمة من واجب عمل الخير والمحبة والمساواة بين البشر، وتعميم أفكار السلام، دون النظر إلى الانتماء الديني أو القومي أو العرق والجنس واللون، وضرورة احترام وحماية ضحايا النزاعات المسلحة وحماية الأموال والممتلكات العامة والخاصة، من قسوة وأساليب التعامل الحربي وعبث الأوامر التي يتلقاها الجنود من قادتهم السياسيين والعسكريين.!. والعبرة بالخير والدين والخُلق.!.
إنَّ تنديد المجتمع الدولي وما يضمه من مؤسسات مهمة ، الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر وكل أصحاب القرار غير كافٍ لإنقاذ المدنيين الضعفاء من طاحونة النزاعات المسلحة سواءً في سوريا أو في باقي الدول العربية.
أننا نتطلع بحرقة إلى جهود علماء الأديان المحترمة كافة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني في العالم إلى حماية المدنيين وتطبيق القانون الإنساني وملاحقة مرتكبي الجرائم -من الطرفين- أينما حلوا؟
أننا نتساءل أين المبادئ الأخلاقية ومجموع القيم العربية والشعور الإنساني؟ أم يترك الحبل على الغارب-كما قال الشاعر؟
ثق بالذي لم يجمع الملك والثناء – سواه تعالى من له الخلق والأمر
له اللطف بالعبد الضعيف كماله – الجلالة والتعظيم والعز والكبرُ
ففوض إليه الأمر واعلم بأنه – هو المرتجى المأمول نائلة الأمر