جرائم النظام البعثي المرتكبة ضد زوار أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام)
د. عباس القريشي
تمثلُ زيارةُ أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) حدثًا دينيًا وثقافيًا مهمّا في التأريخ الإسلامي فمنذ شهادةِ الإمام الحسين بنِ علي( عليه السلام) وعددٍ من أهل بيته وصحبه ( رضوان الله عليهم) ؛ إذ يتوافد الملايين من المسلمين إلى كربلاء للمشاركة في هذا الحدث القدسي مشياً على الأقدام ، وهذا التوافدُ أصاب عيون النظام البعثي بالأرق الشديد لدرجة جعل صدام حسين بشخصه يظهر على التلفاز ويقول إنَّ من يأتي ماشياً من البصرة إلى كربلاء ( أما جاسوس إيراني أو مجنون!) ، وهذا الخطاب المتطرّف جعل من زيارة الأربعين تشهد جرائم فظيعة تم إرتكابها من قبل نظام البعث المباد وأزلامه في العراق فمن أبرز الجرائم التي مورست ضد زوار الأربعين هي:
- منع الزيارة: قام نظام البعث بتقييد وسائل النقل والتضييق على أصحاب المركبات وعدم السماح لأي وسيلة نقل لم تكن مسجلة مسبقًا على خطوط النقل بين كربلاء والمحافظات الأخرى، بل ومنع الزوار من ممارسة حقهم في زيارة مرقد الإمام الحسين “عليه السلام” ، وذلك عبر نصب السيطرات الحزبية والعسكرية التي تحقق مع الزائرين وتضيق على النساء المتوجهات إلى كربلاء وفرض قيود صارمة على حركة الناس ومنعهم من الوصول إلى كربلاء.
- قطع الطرق الرئيسة والنسيمية : لجأ جلاوزة النظام البعثي إلى قطع الطرق التي يسلكها الزائرون واستخدام القوة المفرطة لقمع الزوار ومنعهم من الوصول إلى مرقد الإمام الحسين، مما أدى إلى وقوع اشتباكات عنيفة واعتداءات على الزوار وما انتفاضة صفر عام 1977 إلا رد فعل على تلك الإجراءات التعسفية التي مارسها البعثيون ومن على خطاهم.
- الاعتقالات التعسفية: قام النظام البعثي بممارسة سياسة واسعة النطاق للاعتقالات التعسفية للزوار ، حيث تم اعتقال مئات منهم بدعوى الأمن الوطني.
- انتهاكات حقوق الإنسان: شهدت فترات زيارة أربعينية الإمام الحسين “عليه السلام” انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والتصفية الجسدية للزوار بل وحتى من يقدم الخدمات لهم من أصحاب المواكب والهيئات الحسينية.
- ترويع الزوار: لجأ النظام البعثي إلى ترويع الزوار من خلال إطلاق شائعات وتهديدات، بهدف منعهم من المشاركة في الزيارة.
- تدمير المواكب والحسينيات والمراقد والمزارات: قام جلاوزة البعث بتدمير واتلاف أعداد كبيرة من المرافق الدينية والتأريخية المرتبطة بزوار مرقد الإمام الحسين ( عليه السلام) ، مما أثّر بشكل سلبي على تجربة الزوار.
التأثيرات والنتائج:
تسبّبت هذه الجرائم في خروج الزيارة عن سياقها الديني والإنساني، وأثرت سلبًا على تجربة الزوار.
أدت هذه الجرائم إلى تأثيرات نفسية واجتماعية سلبية على الزوار وأهالي المناطق التي يمر بها الزوار.
وتُظهر هذه الجرائم الطابع القمعي والظالم لنظام البعث الذي كان يسعى لمصادرة الحريات الدينية من أجل تكميم الأصوات واحتواء أي تعبير عن المعارضة.
وتجسّد جرائم النظام البعثي المباد ضد زوار أربعينية الإمام الحسين( عليه السلام) مثالًا على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقمع السياسي الذي كان يمارسه هذا النظام المباد . وسيبقى استذكارُ هذه الجرائم تذكيرًا بأهمية الحفاظ على حقوق الإنسان والحريات الدينية والثقافية في جميع الأوقات.