ataba_head

سقط التمثال.. فتحطمت الأسطورة

سقط التمثال.. فتحطمت الأسطورة

بقلم :د. عباس القريشي

منذ ستينيات قرن العشرين تربّع على عرش السلطة في العراق عدد من الأوباش فعلوا الأفاعيل واتبعوا جميع الوسائل والأساليب ولجأوا إلى القتل والتشريد والحبس والتعذيب لفرض هيمنتهم على أرض الحضارة واخماد جذوات الثائرين وإسكات حناجر الرافضين للظلم والطغيان لدرجة أنهم عمدوا إلى إذابة الأحرار في أحواض التيزاب وتقطيع أشلاء المعارضين وثرم أجسادهم، ورميها لأسماك البحيرات ولو تنطق الجدران لسمعنا زنازين سجون الرضوانية ورقم واحد وأبو غريب والشعبة الخامسة وسجون الأمن والمخابرات تصدح بآهات المعذبين والمعذبات.

نظامهم هو نظام الاستبداد والتطرّف والتفريق والتبعثر، لم يكن له مبدأ ثابت سوى كيف يحافظ على سلطة صدام وعائلة المجيد فانقلب على شقاواته الذين وظفهم في القتل وتصفية الخصوم وانقلب على مفكريه ومنظريه الحزبيين فأعدمهم في اجتماع حزبي كبير، وانقلب على قياداته القطرية فوصفها بالخائنة والمتآمرة ليكون الرجل الأوحد والنظام الأوحد ليقال عنه بطل العالم وحارس البوابة الشرقية! فأصابه داء العظمة وتجلبب بجلباب التكبر والغرور وتغطرس بغطرسة الجبابرة والطغاة، فاستطاع بحماقته أن يجعل شعبه ماقتاً له ولنظامه، وجيرانه يحلمون بهلاكه وزوال سلطانه، فأراد الله أن يخزيه لأنه نازع الخالق في ردائه فأذاقه لوعة الانهزام و أراه كيف شرفه وعرضه مشردا في البلدان وكيف من كانوا مستضعفين يسقطون تمثاله وسط بغداد وكيف يضربونه بالأحذية ويركلونه بالأقدام ! وأذاقه من شرابه المفضل في سقيه أعدائه فشرِب من كأس مقتل الأبناء ولما رآى جميع ذلك  بدلا من أن يثبت في ساحة الوغى ويقاتل مقاتلة الشجعان الذين كان يتكلم عنهم في خطاباته الرنانة فإذا به يمتط جواد الذل والخزي هارباً به نحو حفرة الجرذان! هل عرفتموه من هو؟ ذلك هو صدام حسين المجيد ونظامه البعثي المباد!.
نعم عزيزي القارئ جميع ما ذكرتُه حقائق شهدتها أنا وملايين العراقيين، كتبتُ الحقيقة فقط لتكون على بينة منها وكي لا تنخدع بشعارات البعثيين الذين تركوا قائدهم الضرورة وسط الميدان وحيدا يستنجد بأبناء حيدر والحسين (عليهما السلام) ليقفوا معه مناصرين قائلا واسفاه أطعمت الكلاب( يعني البعثيين المرتزقة) وجوعت الذئاب (يعني أبناء الوسط والجنوب) ولات حين مندمِ إذ فاته الأوان وسقط في براثن الخزي والخسران ودخل في مكب نفايات التأريخ، تلاحقه لعنات الأرواح البرئية وبكاء أطفال حلبجة وعويل نساء الوسط والجنوب، وتطارده أرواح أبناء المقابر الجماعية وتحرقه بساتين بلد والدجيل فويل له ثم ويل له من غضب رب عادل لا تخفى عليه خافية.