banarlogo

العراق بين الإبادات والإدانات 3 قراءة في قرار الجمعية العامة لسنة 1995

العراق بين الإبادات والإدانات 3

قراءة

في قرار الجمعية العامة لسنة 1995

الأستاذ المساعد الدكتور

رائد عبيس

عضو المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف

 

 

انشغلت الجمعية العامة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، بمتابعة، ومراقبة ،وتوصيف حالة حقوق الإنسان في العراق. عبر لجانها ومقرريها الخاصين  والذي تذكر في كل تقرير  عضوية العراق في مجلس حقوق الإنسان وتوقيعه على عهديه، ولكن يا ترى هل حافظت حكومة العراق البعثية على هذه المواثيق؟ وهل عززت هذه المراقبة من عوامل موانع الظلم بحق العراقيين ؟

هذا التقرير وما سبقه من التقارير ،يكشف عدم التزام حكومة البعث المجرمة بكل ما يحفظ كرامة المواطن العراقي وسلامته. فقد بقيت الإبادات متكررة والإدانات مستمرة من دون نجدة سريعة لرحمة الناس في العراق وإنقاذهم منذ 1991 وحتى سقوط النظام في 2003 البعث وحاكمه المجرم يُبيد والأمم المتحدة تدين !!  الألم غير المنظور في وجدان كل عراقي الذي كان ضحية لسياسة البعث لم تسعفه إدانات الأمم المتحدة والحركة الدائبة للجانها ولا تقارير مقرريها !! هذا الألم المكبوت كان مقرونا بظلم النظام ووجوده ،وحتى بعد زواله، كذاكرة حية بذلك الألم الذي لم تسعفه الإدانات!!

يظهر التقرير ويؤكد على الانتهاك الصارخ والمشخص لحالة حقوق الإنسان مثل: حالات الإعدام المباشرة، والاغتيالات، والاعتقال التعسفي، والحجز، والإهانات، وحالات اخفاء الضحايا، والمراقبة الشديدة، و التخويف… وغيرها. ومع ذلك يتأكد أيضا انعدام حرية التعبير، والفكر ، والوصول للمعلومة ، وتحصيل الغذاء، والدواء، وكل شيء أصبح في دائرة الموت البعثي معنوياً ومادياً.

إلى جانب ذلك وجزء من نتائجه، وهو ما أثار قلق الجمعية العامة ! كما يذكر في التقرير  تشريد مئات الآلاف من العراقيين في شمال العراق، وتجريف قراهم ، وبيوتهم ولجوئهم الى مخيمات، أو نقلهم إلى جنوب العراق. ولم يكن حال أهل الجنوب بأرحم من حال أهل الشمال، فقد جففت الأهوار التي هي مصدر رزق وملاذ للآلاف من السكان الجنوبيين وغير الجنوبيين، وهجر أهلها ،بهجرة داخلية الى المدن ، وهجرة خارجية حيث لجأت الآلاف من العوائل إلى حدود الجمهورية الاسلامية في إيران  طلباً لأذن اللجوء أو الدخول المؤقت.

 بهذه الكارثة التي وقعت على السكان الجنوبيين ، الأمم المتحدة تعبر عن قلقها وأسفها لما يحدث !! كما تسعى عبر فريقها الى التحري عن مزيد من المعلومات والأدلة والإدانة، لتوسيع قرارات الإدانة، ليشمل كل ما يقهر به المواطن العراقي في كرامة حياته العامة أو السياسية.

يتضح في موقف القرار الأممي هو تكرار الوصف، لمجريات الوضع القائم في العراق آنذاك ،مع تأكيد الإدانات ! والتأسفات ! وإعلان القلق! والقلق البالغ!! لا يمكن أن نقارن كل المعاناة التي مرت بها البشر في العراق، بمواقف تقارير وصفية وجمع أدلة تأكيد المظالم ووصف القهر ، من دون تدخل عاجل وسريع لمنع حدوث مثل هذه الكوارث التي تمس حياة الناس بشكل مستمر، وطيلة هيمنة النظام على مقدرات البلد المادية والبشرية. فكل الدول والمنظمات التي ما طلت في تجريم النظام، ومناصرة الشعب العراق تعد في موقف مخزني انسانياً وأخلاقياً وضميرياً ؛ لأنَّها تماهت مع أفعال وحشية وأخضعت المعايير الإنسانية الى حسابات سياسية بركماتية ، كما أن الواضح من كل هذه المسائل، هو أن هناك استهداف واضح لتدمير بنية المجتمع العراقي ،من خلال النظام البعثي بشكل مباشر، ومن خلال سكوت، ورضا، وقبول الدول والمنظمات على وضع هذا الشعب بشكل غير مباشر. وهذا يعني أن مواقف المنظمات الدولية والأممية لم يرتق إلى قيم المبادئ التي تدين بها النظام نفسه !