banarlogo

المنهجية العدوانية كسلوك لحزب البعث

المنهجية العدوانية كسلوك لحزب البعث

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي سعد الزيدي

 

 

 الإنسان اجتماعي بالطبع وهو ينظم نشاطاته الاجتماعية في تكتلات ومؤسسات ،هذه النظم الجماعية من تكتلات ومؤسسات يطلق عليها جمعيات أو أحزاب أو هيئات وهي تحت مسميات ذات مدلول معبر عن كينونتها ،الغرض منها قيادة وتنظيم هذه النشاطات والعمل على إنضاج وبلورة أهدافها وتوجهاتها، وهذا كان على امتداد الساحة العالمية والتاريخ الإنساني فحركات الشعوب التحررية وتجمعات القوى الوطنية والسياسية ذات الأهداف الإنسانية تنتظم في أحزاب سياسية ،وقد تكونت في منطقتنا العربية مثل هذه التنظيمات ،ففي نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين تأسس عدد من الأحزاب والحركات والجمعيات السياسية وكان أغلبها قد ولد من رحم حركة التحرر والصحوة العربية الإسلامية ،وعبر عن أهدافه من خلال شعاراته .

ومن الطبيعي أن تتحفز القوى المهيمنة على ثروات المنطقة ومقدرات شعوبها من استعمارية وصهيونية وحلفائها من القوى المشبوه داخل المجتمع العربي وتعمل على إجهاض مشاريع التحرر والوقوف في وجه الوعي العقائدي الإسلامي الذي تتسلح به الجماهير المؤمنة بقدرها الإسلام وباختيارها طريق التوعية الفكرية والكفاح المسلح لطلائع الثورة العربية الكبرى من أجل وقف الغزو الصهيوني.

ومن الطبيعي أيضا أن تكون ردة فعل هذه القوى المشبوه والمنظرين لها من الحركة الماسونية على هيئة مشاريع مضادة مثل  تأسيس أحزاب ذات استراتيجيات استعمارية صهيونية ويغطى عليها من خلال  تسميات وشعارات مستنسخة من نفس شعارات الجماهير العربية مثل التحرر وتوحيد الصفوف والمشاركة الجماهيرية في إدارة الدولة والعدالة في توزيع الثروات .

فكان قد أوجد الفكر الغربي الماسوني الذي يعمل داخل صفوف المواطن العربي أوجد حزب البعث تأسيساً لعوامل الفرقة والفساد في حركة الثورة العربية وشق صفوف المؤمنين بها ، بل شكل عوامل الردة والتبعية والنكسة والتخلي عن أهداف الثورة العربية ، من خلال جملة طروحات تخريبية مدمرة تتساوى في ظاهرها وباطنها فهي في ظاهرها هامشية وغير واقعية لا تعبر عن فهم عميق لتاريخ المنطقة  ولا قرأه مستقبلية مستندة إلى أدلة علمية مستمد من روح العصر وحالة التطور والتطلع نحو الأفضل  ،بل هي تكريس لإحالة الجمود واحتوى الفكر الإنساني من أجل سهولة السيطرة الفكرية على الأخر وبالتالي تحجيمه ليبقى تابع فكرياً، وفي باطنها هي قتل روح وجسد الصحوة العربية الإسلامية من خلال جملة ممارسات مخابراتية للاستعمار والصهيونية نفذها البعثيون هدفها تكريس التبعية وتفريغ الساحة من القيادات النظالية خصوصا في مشرق الوطن العربي، وكان الترويج للماضي بآلية تجلب الكره والحقد من الشعوب الغربية  ، فأدبيات حزب البعث تعمل على تقليص مساحة الفكر وفرض رؤى دكتاتورية  في العمل الجماهيري وتكييف آليات العمل الجهادي لاحتكار كل الساحة والسيطرة عليها وهو يصر على أنه القادر على قيادة حركة التحرر ميدانياً باستخدام العنف ويدعيه عنف ثوري ، كما يؤكد مشروعية توعية الجماهير بالإكراه لا بالحجة باتجاه قبول شعاراته القومية التي تتمنهج بنفس آليات العمل الثوري نظرياً لا عملياً 0ومن المؤسف تختفي كل هذه السلبيات من التحضيرات الوجستية العدوانية والنوايا المبيتة لاحتواء العمل الجماهيري التحرري وراء يافطة شعارات الوحدة والتحرر والاشتراكية في خدمة الأهداف القومية غير العدائية للدين ، بالرغم من أنه لا يخفي اعتقاده بمرحلية الدين الإسلامي .

إن النظر المتخصص في الأدبيات التي كتبها قادة البعث والتي كانوا يثقفون عليها أنصارهم تكشف بوضوح حالة العداء للفكر الإنساني الحر في الاختيار خصوصا إذا كان الاختيار المنهج الإسلامي كما أن القسرية في أدبيات البعث والابتعاد عن الاستقلالية الشخصية في الانتماء القومي والاعتقاد الديني واستقلالية الوطن كانت واضحة منهجا وممارسات عملية .

وسيد الأدلة هو اعترافات قادة البعث في تلقيهم التعليمات والأموال من المخابرات الغربية والعمل معها وتجنيد العملاء  وزراعتهم في صفوف المنظمات الجماهيرية ،وكما أن البعثيين الذين عملوا في صفوف الحركات الجماهيرية كانت برامجهم من قياداتهم المركزية تخلق الأزمات في صفوف القوى الوطنية فتسارع في تفعيل حالة التفكك والتشرذم ودائما يعملون على إجهاض مشاريع البناء الروحي العقادي المستقل ومعاداة التوجهات الإسلامية في صياغة الإستراتيجيات للعمل الجهادي التحرري ويسخرون من الممارسات الجماهيرية للطقوس الدينية ، وكل ذالك من خلال طروحاتهم المشككة والمتهمة للآخرين وأعمالهم التخريبية واغتيالات المناضلين في قيادات الحركات الجماهيرية التي تتقاطع معهم فكرياً كما أن أسلوب التصفيات الجسدية شائع لديهم حتى في صفوف تنظيماتهم وهذا يبعد الجماهير عن أهدافها الرئيسية ويجعلها مشغولة في صراعات جانبية وأزمات مفتعلة 0هذا هو حزب البعث العربي الاشتراكي نتاج الفكر المعادي ،وكما بينا بأن هذا الوصف ليس اجتهادا بل تشخيص تلتقي عليه كل القوى السياسية الوطنية واعترافات قياديين في صفوف البعث .

أن حقيقة حزب البعث كانت مشخصة منذ البدء لدى كل القوى الوطنية المستقلة من إسلامية وراديكالية قبل اعتراف البعثيون أنفسهم بذالك غير أن تشخيص الإسلاميين كان الأدق حتى قال الشهيد الصدر ( لو كان أصبعي بعثيا لقطعته) لأن عملية اختيار الأشخاص وآليات التأسيس والتمويل كانت جميعها موطن ريبة وشك ،أن هذا المنهج والدور المرسومين للعبثيين انكشف بوضوح للقواعد الجماهيرية في العراق من أبناء وطننا وامتنا بعد وصولهم للسلطة عام 1963 بقطار أمريكي كما يعترف بذالك أمين عام القيادة القطرية (علي صالح السعدي)، فكانت انجازات حزب البعث هي المجازر لكل المناضلين  والسجون ،و للشيعة والأكراد المقابر الجماعية والتهجير والتعويق ، كما أن نهب الثروات وتعطيل انجازات ثورة 14 تموز لعام 1958 كان محفز أول معلن للانقلاب العسكري في الثامن من شباط عام 1963 ، غير أن جرائمهم تفاقمت  خلال فترة حكم صدام اللعين من عام 1968 الى 2003  حتى لم تجد مماثل لها في عالم الإنسانية المعاصرة .

لقد ساعد على تغلل فكر البعث المنحرف في إدارة الصراع العقائدي ووجود البعثيين بين صفوف جماهير الأمة هو ضعف وابتعاد المفكر الإسلامي عن التواجود  في ساحة الأيدلوجيات والأدبيات ومعالجة القضايا الفكرية والاقتصادية وعدم مبالاة من قبل كل القوى العلمانية في الساحة العربية .

أن تحذيرنا من تواجد البعثيين في أجهزة الدولة خصوصا الأمنية منها مرده هذا الفكر الظلامي المنحرف الذي لا يؤمن بحق الآخر في الاختيار وبالعيش بحرية والذي يصادر التطلعات الإنسانية نحو الأفضل ويحتكر السلطة ويعمل على تغيب المعارضين ، وهو المرتبط تاريخياً بالقوى المعادية لحركة التحرر والاستقلالية والتي ما انفكت عن محاربتنا ونهب ثرواتنا ،وهذا عين ما فعلته الشعوب قبلنا للخلاص من أثار الحكام والسياسات التي تشابهت أفعالهم وتوجهاتهم مع أفعال وتوجهات سياسة صدام وحزب البعث0وقد يتساءل قليل الخبرة عن مدى جدوى أبعاد البعثيِّن أو العبثيين عن المراكز صنع القرار في الدولة العراقية معلل ذالك بإعلانهم التخلي عن حزب البعث ، غير منتبه إلى مقومات البناء العقائدي الذي هيأته الماسونية في مناهج حزب البعث بآليات مقبولة لدى عدد غير قليل من مفكري العرب الذين عرفوا بعلمانيتهم وتوجهاتهم القومية واعتناقهم للنظرية الاشتراكية ضمن الفهم القومي ، كما أن هؤلاء في تسألهم يتغافلون عن آليات تكوين الشخصية الإنسانية وتأثير الخلفية الثقافية في صنع القرار ودوافع التوجهات الإنسانية .

إنَّ الذين يصرون جهرةً من هؤلاء يتساءلون عن ماهية أخطاء ومخاطر التوجهات المبنية على أسس قومية استعلائية ،وكأنهم لا يقرؤون تاريخ النازية وهتلر وما جلبته إلى ألمانيا ولا يعون فترة حكم (ستالين)في روسيا ولا يعرفون دوافع حروب ( صدام) التي دمرت المنطقة ،أو حتى التي كان ينوي شنها وهو ما انفك يروج لها منطلقا من شعارات (أمة عربية واحدة )تحقق بالسيف .

وهذه الحقيقة لحزب البعث والمنتمين له  كانت عندما تتضح للمغرر بهم من الشرفاء تتم تصفيتهم على أيدي البعثيين ، ولذلك كان قادة الماسونية  يختارون المنحرفين ممن تربى على عداوة الآخرين نتيجة الظروف  التي ولد وتربى فيها لقيادة حزب البعث مثل (عفلق و صدام ) وهذه نفس الظروف التي أنجبت  (هتلر وموسليني  وستالين) فهم جميعا تتشابه فيهم نزعة رفض الأخر وقد تختلف دوافعها لديهم  .

هذا باختصار هو حزب البعث وهذا هو صدام والمريدين لصدام ومرام أسياد صدام المنظرين للفكر البعثي وهذا هو سبب رفضنا للبعثي من العيش بين صفوفنا.