banarlogo

قصة وثيقة (8) شؤون الاتصالات

قصة وثيقة (8)

شؤون الاتصالات

الباحث : عبد الهادي معتوق الحاتم

 

 

وثيقة تتكون من صفحتين وهي موجهة ومرقمة 1 / 948 بتاريخ 16/ 3 / 1979 إلى قيادات الفرق الحزبية وموضوعها ” تعميم حزبي” على نموذج من كتاب الصادرات لمكتب فرع الشمال لحزب البعث / قيادة شعبة أربيل بتاريخ 16/3/1979.

الوثيقة بجملها تنسب إلى كتاب قيادة فرع الشمال المرقم 1 /  1521 بتاريخ 11/3/1979 حول الموضوع ذاته، إنَّما مصدر القرار هو مكتب أمانة سر القطر لحزب البعث إذ أصدر قراره المرقم 5166 بتاريخ 28 / 2/ 1979.

إنَّ مضمونَ هذا القرار هو حاجة وزارة الداخلية للموظفين في مجال الاتصالات ولكن موظفين ” بعثيين ” كما يتبين في الوثيقة ، ذلك أنَّ مجال العمل هو الاتصالات التي كانت تقتضي المراقبة الأمنية ، أما مضمون القرار فجاء على الشكل التالي :(أعلنت وزارة الداخلية عن حاجتها إلى مراتب للعمل في شؤون الاتصالات بعد إدخالهم في دورة تدريبية في عمادة كلية الشرطة لمدة ثلاثة أشهر يتخرج برتبة شرطي وتكون رواتبهم حسب تحصيلهم الدراسي إضافة إلى المحفزات المبينة أدناه ، يرجى حث الجهاز الحزبي من الشباب المؤمنين بمبادئ الحزب والثورة خريجي الدراسة الابتدائية فما فوق ممن تتراوح أعمارهم بين (16-25) سنة بمراجعة كلية الشرطة لتقديم طلباتهم مع العلم سيتم تعيين الراغبين في محافظاتهم للاطلاع ودمتم للنضال( .

وتذكر في الوثيقة شروطا كثيرة لقبول الراغبين في سلك الاتصالات ، منها شروط روتينية تتعلق بالوثائق الرسمية كالجنسية العراقية ودفتر النفوس والسلامة الصحية وعريضة خطية ولكن بموازاة النقاط الروتينية هناك شروط أُخرى تدخل في سياق العمل الأمني وهي عدم زواج أي من الراغبين للعمل في السلك المذكور من امرأة أجنبية وبعد تخرجهم من الدورة وتنسيبهم يلبسون الملابس المدنية لطبيعة عملهم ويسري عليهم قانون قوى الأمن الداخلي في حالة التقاعد .

تندرجُ هذه الوثيقة ضمن تلك الوثائق التي ترجع إلى نهاية فترة السبعينات إذ سيطر فيها صدام كليّاً على جميع مؤسسات الدولة وأحالها بالتالي إلى أجهزة أمنية وفقاً لقرارات حزب البعث الذي جعل مفهوم ” الحزب القائد ” مصطلحاً و شعاراً ليوميات المجتمع العراقي طوال فترة حكمه وسيطرته على العراق .

وتبين الوثيقة ملامح فترة مهمة من مراحل سيطرة البعث على المجتمع العراقي وهي فترة تأمين جميع الأبواب للدخول إلى مؤسسات الدولة وإخضاعها بالتالي إلى السلطة الأمنية التي طالما أصبحت الوجه الأبرز للدولة والسياسة في العراق في فترة (1968-2003) ، يلاحظ ومن خلال وثائق تلك الفترة (نهاية فترة السبعينات) أن العمل الأمني كان في أوج نشاطه ، إذ شمل جميع المجالات الحيوية في الحياة الثقافية والسياسية والاقتصادية في العراق .

يستنتج في هذه الوثيقة أن الحكم الشمولي في العراق تجسّد في بدايات منهجية، إذ أخضع فيها الحزب جميع المجالات الحيوية إلى التبعيث والمراقبة في آن واحد .

وما نلاحظه في هذه الوثيقة أن السلطة التجأت إلى تجنيد الشرائح غير المتعلمة في الأجهزة الأمنية من خلال توريطهم بالمال والمناصب .

ولا ننسى هنا جانبا غير قانوني في هذه الوثيقة الصادرة من وزارة الداخلية وهو التركيز على الشريحة الشبابية الأقل خبرة في العمل والحياة في بناء الأجهزة الأمنية  ذلك أن العمل في دائرة الاتصالات بصفة الشرطي كان يقتضي أموراً كثيرةً وهي : أن يكون بعثياً وغير متزوج من غير العراقية ويلبس المدني لإخفاء صفة الشرطي…. إلخ كل هذا يؤكد أنَّ عراق عهد البعث كان منظمة سرية .

([1]) تم نشر المقال في موقع المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف, في تاريخ 19/11/2022, رابط النشر: