حزب البعث العراقي وعلماء الدين (2)
الباحث عبد الهادي معتوق الحاتم
تطرّقنا في الجزء الأول من هذا الموضوع عن موقف حزب البعث المقبور من زيارة الإمام الحسين “عليه السلام” ، وبينّا بإيجاز من خلال الوثائق جرائم النظام بحق الزيارة والزوار … وفي هذا الجزء سنبيّن وبالوثائق أيضاً موقف البعث وجلاوزته من علماء الدين وخطباء المنبر الحسيني، فقد قتل وسجن وهجر المئات منهم وسامهم سوء العذاب وجرّعهم القهر والويلات، وقد ذكّرنا بجرائم وعنجهية فرعون الذي يقول عنه القرآن الكريم: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ).
في البداية خطط نظام البعث لضرب المرجعية الدينية باعتبارها تمثل غطاءً حامياً للحركة الإسلامية , فوجد النظام أنَّ الإجهاز على الحركة لا يتم إلا بعد إضعاف المرجعية المتمثلة آنذاك بآية الله العظمى المرجع السيد محسن الحكيم (قدس سره)، فلجأ إلى اتهام نجله السيد مهدي الحكيم بالجاسوسية وذلك لكسر هيبة المرجعية وتحجيم دورها, ونتيجة لممارسة البعثيين الضغوط اللئيمة على المرجع السيد الحكيم (قدس سره) خلال العامين الأخيرين من حياته رحمه الله، فقد توفي مهموماً محزوناً في 26 ربيع الأول 1390 هـ (عام 1970م)… وبذلك أصبحت الطريق سالكة أمام السلطة الجائرة لتنفيذ مخططها الرهيب في ضرب الإسلام في العراق، منتهكاً في ذلك حقوق الإنسان، فقد جاء في المادة/18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: (لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبّد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم بمفرده أو مع جماعة وأمام الملأ أو على حدة).
وإذا تابعنا التدريج التاريخي والتسلسل الزمني لتصفية العلماء وقتلهم وتشريدهم، سأذكر هذه الحقائق التاريخية كشاهد على جرائم النظام المتفرعن ضد الدين الحنيف وعلمائه الأبرار…
- في سنة 1970 قام النظام بتهجير الآلاف من العلماء وفضلاء الحوزة العلمية إلى إيران.
- وفي منتصف عام 1970 اعتقل النظام البعثي العلامة الشيخ عبد العزيز البدري وهو من علماء أهل السنة في العراق، فتعرض لأشد أنواع التعذيب ثم قطعوا جثته إرباً إرباً ووضعوها في كيس ثم رموها قرب منزله.
- في أوائل عام 1973 قام النظام الدموي البعثي بقتل الشهيد عبدالصاحب دخيل وهو من أذرع مرجعية الإمام الحكيم ووكلائه (الحقوقيين) فقد عذبوه تعذيباً شديداً ثم أذابوه في خليط (حامض النتريك وحامض الكبريتيك) إلى أن اختفى في المحلول , وقيل: تمت إذابته بحوض التيزاب عندما كان المجرم ناظم كزار مديراً للأمن العام في حكومة البعث المقبور.
- وفي عام 18/7/ 1974 أرسلت مديرية الأمن العامة في بغداد أمرها المرقم م2/ش5/35552 إلى جميع فروعها في المحافظات تأمرهم فيها إلى منع العشرات من علماء الدين من السفر واعتقالهم وإرسالهم مخفورين إلى مقر المديرية في بغداد ، وقد بلغ عددهم أكثر من 80 عالماً ..
وبعد القاء القبض على العلماء وإرسالهم إلى بغداد ، قضى معظمهم في المعتقلات مدداً تتراوح من ثمانية أشهر إلى سنتين ، وتعرضوا إلى أشد صنوف التعذيب على يد عناصر الامن العامة.
وكان الشيخ المجاهد الفقيد حسن فرج الله إمام جامع الرحمة في منطقة الطويسة في البصرة ، أحد هؤلاء الأبطال ، فقد ورد اسمه تحت الرقم 20 (مدينة البصرة)، إذ تعرّض إلى أشد أنواع التعذيب على يد مجرمي البعث، وقد أذيب كفّه الأيسر بـ (الهيتر الكهربائي) من أجل الحصول على أي اعتراف منه .. لكنه (رحمه الله) عاش مجاهداً وهاجر مجاهداً ورحل إلى رحمة الله مجاهداً صابراً صامداً لم تأخذه في الله وقول الحق لومة لائم .
وقد جاء في مطلع هذه الوثيقة :
مديرية الأمن العامة
(سري وشخصي)
مديرية أمن محافظة بغداد إلى / مديرية القيود السرية
م / منع سفر
تأيّد لنا من التحقيق الجاري في مديريتنا مع جماعة (حزب الدعوة) أن الأشخاص المدرجة أسمائهم وعناوينهم أدناه لهم علاقة بتنظيمات الحزب المذكور في العراق ويشكلون العمود الفقري لهذا التنظيم ، عليه فقد قرر حاكم تحقيق الأمن اصدار أمرا بالقبض بحقهم وفق المادة 103 …….. دورهم وخشية هروبهم . نرجو اتخاذ ما يلزم لمنع سفرهم خارج العراق وتعميم أمرنا الصادر بحقهم واعلامنا رجاء ..
الأسماء :