banarlogo

العنف السياسي وإرهاب السلطة (6) إسقاط الجنسية

العنف السياسي وإرهاب السلطة (6)

إسقاط الجنسية

م.م محمد جاسم الخزاعي / العتبة العلوية المقدسة

 

تعدُّ قضية منح الجنسية من أهم الحقوق المدنية التي تُعطى للمواطنين في أيٍّ بلد من بلدان العالم ولأهمية التمتع بالجنسية اعتبرتها الأمم المتحدة من الحقوق الأساسية للإنسان ونصت على ذلك في المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي جاء فيها “أن من حق كل إنسان التمتع بجنسية ما، وأنه لا يجوز حرمان أحد من جنسيته تعسفا ولا من حقه تغييرها”

لذلك تعدُّ الجنسية الرابط القانوني بين الفرد والدولة,  وعلى أساسها تترتب علاقة قانونية بين الطرفين إذ تقوم الدولة بحماية الفرد وتأمين حقوقه الإنسانية الأساسية .

وبذلك يكون الحرمان من الجنسية هو خرق لقواعد القانون الدولي وانتهاك لحقوق الإنسان الأساسية بأن الدولة عندما تحرم إنسان من جنسيته أو وثيقته المدنية فإنَّها تحرمه من كافة حقوقه

وعلى الرّغم من المواثيق الدولية الخاصة بالجنسية ومصادقة العراق على هذه الاتفاقيات فقد عمل النظام السابق على إسقاط الجنسية العراقية عن نحو نصف مليون عراقي حيث أصدر النظام السابق _نظام البعث الصدامي_ قرارا بالرقم (666) لسنة 1980 الذي أسقط بموجبه الجنسية العراقية عن ما يقارب النصف مليون عراقي من الشيعة العرب والكرد الفيلية وغيرهم، وتهجيرهم بالقوة بتهمة التبعية الإيرانية، وتم تنفيذ هذا القانون بمنتهى القسوة والوحشية، وذلك بإلقائهم على الحدود الإيرانية الملغومة أيام الحرب العراقية – الإيرانية_ بعد أن جرّدهم النظام من جميع وثائقهم الرسمية التي تثبت عراقيتهم أباً عن جد، ومصادرة ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة.

لقد ارتكب النظامُ البعثيُّ هذه الجريمة البشعة بدوافع طائفيّة وعنصريّة في آنٍ واحد، إذ أنه استهدف فئةً محددةً ومن طائفةٍ واحدةٍ.

وكان النظام البعثي يقصد من وراء ذلك إجراء تغيير ديموغرافي واسع، يغيّر الوجه الحقيقي للمجتمع العراقي على الصعيدين الاثني والمذهبي, وهذا ما صرّح به قادة هذا الحزب البعثي العنصري, وبذلك خسر العراق بسبب هذه الجريمة الكثير من علمائه و طاقاته وكفاءاته وخبراته العلمية والفكرية.

 فليس من حقّ أحدٍ أن يسلبَ حقَّ المواطنة من أحد,فهذا مخالف لكلِّ القوانين السماوية , وحتى الوضعية,  إلا أنَّ سياسة الجبر والإكراه والفرض بالقوة التي مارسها نظام البعث ضد أبناء العراق  تعدُّ من أخطر السياسات التي ظلّ ينتهجها هذا الفكر البعثي على مدى أكثر من خمسٍ وثلاثين عامًا، ما ساهم في تحطيم المجتمع من الداخل, وتفكيك بنية المجتمع ليسهل على إزلام السلطة السيطرة على فئاته بالنار والحديد.