banarlogo

الثوابت الوطنية ومتعالياتها على الطارئ المتطرف

الثوابت الوطنية ومتعالياتها على الطارئ المتطرف

الأستاذ المساعد الدكتور

رائد عبيس

جامعة الكوفة

 

تُعَّد الثوابتُ الوطنيةُ أساساً مهمّا لفهم حدود المواطنة وصبغتها، تلك الحدود التي ترسمها الجغرافية والتأريخ والثقافة، والمصالح المشتركة بين المكونات الطائفية والعرقية، وما توفر لها من مساحة لتعزيز روح الشراكة والوطنية.

فالتأريخ المشترك والثقافة وسماتها، والعمق الاجتماعي بين هذه المكونات، والثروات الطبيعية، والمصير المشترك، وحدود المواطنة بسمة الهوية والجغرافية، كل هذه الثوابت من المفترض أن تتعززَ عليها عناصر “المعايشة الأليفة” فيما بينهم، وتحقق الانسجام الوطني بهوية غالبة على كل المسميات.

عندما تحدثُ الأزماتُ في المجتمعات، ولا سيما الأزمات الدخيلة ، من المفترض أن يكونَ وعيّ المواطن بحجم هذه الثوابت التي نشأ عليها مثل مسقط الرأس، والنشأة، ويحصن نفسه من كل دخيل ثقافي أو بشري أو سياسي أو عدوان، ويتمكن بها من فرض آليات المواجهة لكل الطوارئ المتطرفة والتي تهدد سلمه الأهلي.

وما يُرسخ قيم هذه الثوابت، في المجتمع العراقي  هي المرجعيات الثقافية والدينية والتعليمية والعشائرية المعتدلة التي من شأنها مواجهة التطرُّف في السلوك الطارئ و الدخيل بأي صفة كانت، كمحاولة لحفظ القيم وتأريخها في مجتمعنا.

كما يبقى الأمر مناطا بمهمة الدولة، في تعزيز روح المواطنة على هذا الأساس، وروح الشراكة على وفق الثابت الوطني، وبذل الجهود والبرامج في كيفية مواجهة أزمات التطرُّف بحق الآخرين وحقوقنا، لأجل تخفيف حدة المظلومية والاقصائية بين أبناء الطوائف أو القوميات أو الجبهات السياسية، أو العشائرية.

فإنَّ ما يحدث في الساحة العراقية، وبحسب ما نراقبه ونشاهده هو تبادل أدوار الأزمات بين هذه الجهات أو تبنيها من قبل غير المعنين بها، ليحدث فيما بعد تداخلا يولّد أزمات على كافة الأصعدة مثل تدخل العشائر بالأزمات السياسية أو الدينية ، وهذا كثيراً ما يظهر السلوك المتطرف ويظهر المختلف.

وعليه يجبُ العمل على اتباع آليات تطبيقية، ومنهجية معرفية، لمراقبة كل السلوكيات المتطرفة في الشارع العراقي، ومحاولة الحد منها، والسيطرة عليها، تبعاً للثوابت الوطنية و ارتكازاً عليها، والتعامل مع الأزمات بصفة طارئة، ورفض توطينها حتى لا يتشكل التطرُّف تعليلاً لها.