banarlogo

الإرهاب الفكري وآيديولوجيات التوحش

الإرهاب الفكري وآيديولوجيات التوحش

الدكتور علي موسى الموسوي

مختص في شؤون الحوار الديني-التنويري

 

لا يمكنُ تجريد آيديولوجيات الارهاب المتوحش من أحزمتهِ الناسفة و رصاصاتهِ المُعلبة إلاّ بإنتزاعِ نصوص الكراهيةِ ومتبنيات الحقد الطائفي من بطون الكتب والاراشيف التأريخية التي لا تزالُ تُنعش الافكار وتغذي العقول بالإجرام، إذ ليس هنالك فرقاً ما بين التكفير والتفجير سوى بحرفٍ واحدٍ يبدأ معهُ الإرهاب في التطرف الفكري وينتهي في سفك الدماء وتمزيق الاحشاء كنتاجٍ طبيعيٍ لعمليات الأدلجةِ العقائدية وغسيل الادمغة، لذلك عُد الإرهاب الفكري من أخطرِ أنواع الارهاب لأنهُ يقوم بمصادرةِ وسحقِ كل آلياتِ الاختلاف والحريات التي يُعتبر غيابها عن عقلِ الفرد هو نوعاً من أنواع الموت الفكري المُفضي إلى تقويض السلام المجتمعي وإشاعة الإرهاب كبديلٍ عنه وهو ما يمكنُ لمسهُ بوضوحٍ في الدولِ التي تغيب فيها وتُشنق لغة الحوار والتفاهم، لذلك يتحول الوعي الجمعي بداخلها الى عدوانٍ بشريٍ مبني على أسس فكرية تُحيل وعي الإنسان ونضوجه إلى مسلمات جامدة وتابعة لغرضِ تسهيل مهمة فرض الهيمنة السياسية عليه لاغراضٍ فكريةٍ أو دينيةٍ او اجتماعية، لذلك كانت أهم تعريفات الإرهاب الفكري بأنه إقصاء للآخرِ ومحاولة لسلبهِ الحق في التعبيرِ عن ذاتهِ وأفكارهِ عن طريقِ ممارسة الضغط الشعبي عليه من أجلِ إسكاته كصوتٍ آخر، علماً أنَّ الإرهاب الفكري ليس حكراً على مجتمعاتٍ بذاتها وإنما هو ينشط في جميع المجتمعات التي تتكاثر فيها حواضن الكراهية ومفاقس التطرف، ومن أبرزِ الأساليب التي ينتهجها دعاة الإرهاب الفكري أنهم يمارسونه تحت عنوان الاختلاف وهذا تضليل واضح وخلط مفاهيمي، إذ إن الاختلاف يكون عن طريق مقارعة الحجة بالحجة و رد الفكرة بالفكرة بعيداً عن الشخصنة والشحن العاطفي ولغاته الإنشائية التي تخاطب العاطفة وتحرف مسار النقاش عن أصل الفكرة المُختلف عليها مما يفضي إلى تعبئة الجماهير عاطفياً، وتحويلها إلى وقود فكري مفخخ للضغط على صاحب الفكرة.