منهجية الأمم المتحدة في تقييم مخاطر التطرف العنيف
الأستاذ المساعد الدكتور رائد عبيس
اعتمدت الأُمم المتحدة في برامجها الإنمائية عدةَ مناهج في دراسة، وتقييم، ومعرفة، أسباب تنامي التطرف العنيف، ومحاولات الحدّ منه، وقد انطلقت في تقييم مخاطر تبني الفكر المتطرف وأعماله العنيفة على السلم المجتمعي الشامل، ابتداءً من الحواضن إلى تبني مشاريع قيام دولة التطرف، وكان تبويب خطورة أفعال التطرف وعنفه، مصنفة على فئة الخطورة، وعوامل الخطورة، ووصف الخطورة، فقد تكون فئة الخطورة، فردية، متأتية من حالات شعورية مؤقتة، نتيجة الشعور بالغضب، أو خيبة الأمل، أو الاغتراب، أو الاستضعاف، نتيجة أحداث راهنة أو مواقف حدثت مؤخراً.
وقد تعزز كل هذا سمات نفسية خاصة، تحاول أن تقاوم الضغطَ , والمخاطر, أو السعي وراء هدف , كما أن السّخط وعدم الرضا عن الأحداث الاجتماعية، والسياسية، والرغبة بالتغيير، وتبني مظلومية خسارة معينة وإن كانت متوهمة، قد تشجع كلها على استسهال استخدام العنف واللجوء إليه، كما حدث ذلك قبل ظهور داعش وبعده، وكذلك الأمل بالحصول على منافع شخصية جراء الانضمام إلى الحركات المتطرفة ومجاميعها القاتلة، وقد فعلت داعش ذلك بطرح المغريات على الرجال والنساء، مقابل اختبار قدراتهم في القتل والتمثيل وغيرها من الأفعال العنيفة.
ومن فئات الخطر المجتمع ، فالاجتماعية تقوى عبر روابط الأعضاء في الحركات المتطرفة، وهذا ناتج من الحواضن والبيئة التي رحّبت بمثل هكذا فكر، نتيجة علاقات الأسر، والعوائل، والأقارب، والأصدقاء، أو الحمية الاجتماعية من أبناء الجلدة والمنطقة السكنية , وهنا يكون استهداف المجتمع وعينات منه، تبعا للاضطرابات، والعزلة، والتذمر، أو الشعور بالنقص والخسارة؛ لذلك يتوهمون بأن استخدامهم للعنف يأتي تعويضاً لما فقدوه، بما في ذلك النظرة للجنس، والكبت اتجاه النساء، وهو ما يفسر انضمام كثير من الرجال والنساء لداعش مثلاً لأجل جهاد النكاح.
كما تعدُّ المؤسسات، والهياكل المرتبطة بالدولة، والطبقات الاجتماعية، إحدى أهم الفئات خطورة، فيما لو لم يتم احتوائهم، بطريقة مرضية، ومراعاة الأثر الخطير لتهميش أي منهم في صناعة القرار، وتعزيز الشراكة المجتمعية، والسلطوية، وتشريع القوانين، ما يدفع بالحديث عن ضرورة العمل بالعدالة الانتقالية بين الفئات المتخاصمة مجتمعياً والمتضررة بعد تغيير الأنظمة، وهو الحال الشبيه بوضع العراق، وليبيا، وتونس، وغيرها من البلدان التي حدثت بها اضطرابات ونشأ فيها العنف وتطرفه.