banarlogo

أسس الكتابة عن جرائم التطرف

أسس الكتابة عن جرائم التطرف

د. قيس ناصر

جامعة البصرة/مركز دراسات البصرة والخليج العربي

 

 

   الاشتغال في مجال كتابة أو توثيق جرائم التطرف, يُعد أقرب للمسؤولية الأخلاقية منه للمعرفية, إذ هو تذكير للرأي العام, وإثارة للتساؤل عمّا حدث, وما يحدث, وربما إن توفرت الإمكانيات فينبغي التفكير بما سيحد ,  وفي هذا السياق, وبناءً على ما تقدم ينبغي أن لا تمر هذه الجرائم دون التوقف عن التفكير بأسبابها وتداعياتها سواء أكان ذلك على مستوى العمل أم الكتابة,  وأن لا نمر عليها بشكل سطحي .

   إنَّ التنوع في جرائم التطرف في العراق, وتكرارها, يستدعي منا التوقف عند كل جريمة لدراستها, ليس ذلك وحسب بل أن تكون دراستها وتوثيقها بشكل منفرد, فجريمة مثل مجزرة سبايكر لها دلالتها المختلفة عن العديد من الجرائم التي ارتكبت, إذ حرص المجرمون منفذو المجزرة على نشر مقاطع الفيديو, والصور التي توثق جريمتهم, بشكل مكثف, وهذا الأمر يرتبط بقصدية الصدمة, فضلاً عن استخدامهم وسائل عدة في طريقة تنفيذ الجريمة التي اشترك بها رجال ونساء وحتى اطفال, بمعنى آخر أن المجرمين حرصوا على توثيق جريمتهم ليس من أجل التوثيق, إنما من أجل نشر الرعب وتسويق القسوة .

   ومن الجدير بالذكر, إن ما تم ذكره في أعلاه أدركه فريق المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف, لهذا تم الاشتغال على كل جريمة بشكل منفرد, وفيما يتعلق بمجزرة سبايكر, فإنها قد نالت اهتماماً كبيراً من قبلهم, وفي هذا السياق, هناك جملة من الأساسيات تعد مرتكزاً للمهتمين بتوثيق جرائم التطرف بشكل عام, وجرائم داعش بشكل خاص, منها:

  • لا تكن منطلقات الباحثين والمهتمين في مجال التوثيق سياسية, إنما ينبغي أن تكون ذات منطلقات أخلاقية, واجتماعية, وربما يصل الأمر لتكون قانونية .
  • الحرص على وصف معاناة الضحايا ومشاعرهم بشكل دقيق من أجل نقلها وتوثيقها إلى الأجيال القادمة .
  • ينبغي أن ينال الباحثون في هذا المجال دورات تطويرية, بشكل مستمر, من أجل تنمية قدراتهم لنقل وتوثيق معاناة الضحايا.
  • ينبغي التأكيد أن عملية تدوين إفادات الناجين تعني الاعتراف بالجريمة التي ارتكبت. وفي الوقت نفسه, ينبغي ملاحظة إن الناجين من الأحداث ستكون شهاداتهم مختلفة, فهناك اختلاف بين من تعرض للتعذيب ومن عاش المأساة, وبين من شاهدها, فضلاً عن أن التجربة النفسية ستكون حاضرة, لهذا نجد حاجة العديد منهم إلى علاج نفسي, واعادة ثقته بالمجتمع الذي أسهم بعضه بمعاناته .

    ينبغي تأكيد القول, إنه إلى اليوم لا توجد لدينا دراسات كافية تصف ما جرى, والتحقيقات الأممية لا تزال مستمرة بعد ثمان سنوات من سيطرة كيان داعش الإرهابي على ثلث العراق, ربما توجد لدينا دراسات تحاول فهم ما جرى بشكل كُلي, إلا أن حاجتنا اليوم لدراسة التفاصيل كما تمت الإشارة إليها في بداية المقال, وتدوين معاناة الضحايا من الأحياء .