banarlogo

المقبرة الجماعية في ناحية الرضوية/ النجف الأشرف

مقبرة الرضوية في النجف الأشرف

شهد العالم الكثير من المآسي الإنسانية الكبيرة بما في ذلك مذابح الإبادة الجماعية الرواندية وحقول القتل الكومبدية .

أما في العراق فالجرائم ضد الإنسانية شهدت طفرة نوعية , إذ أمعن نظام البعث الصدامي في قتل كلّ شيء يتنفس , إذ بمجرد ما سقط نظام البعث الصدامي بدأت الناس ترى صفوفاً من الأكفان البيضاء التي تضم عظاماً بشرية ملأت الذاكرة , تحت ما يُعرف بــ”المقابر الجماعية”

و لا يوجد تعريف محدد لمصطلح المقابر الجماعية في القانون الدولي إلا أن الشائع عادة عند استخدام هذا المصطلح فإنه يُشير إلى موقع يحتوي على عددٍ كبير من الرفات البشرية المدفونة.

إما بموجب القانون العراقي فقد جاء في المادة 2 من قانون رقم 13لسنة 2015م , وقانون شؤون حماية المقابر الجماعية رقم 5 لسنة 2006م بأنَّ” المقبرة الجماعية هي الأرض أو الموقع الذي يحتوي  على رفات أكثر من ضحية تم دفنها أو إخفاؤها

 

 

 

 

 

 

 

صورة (1) الابن يحمل ما تبقى من أبيه الذي تركه طفلاً واستشهد في المقابر الجماعية

 

 

 

 

 

 

 

لا قيمة للإنسان عند نظام البعث الصدامي , ففي الوقت الذي تنفّس فيه العراقيون الصعداء بزوال هذا النظام الفاشي بدأت تنكشف أسرار وقصص مأساوية , قصص الرعب التي ترويها العظام البشرية , والأذرع الآدمية المربوطة معاً , والجماجم المثقوبة من الخلف بفعل إطلاق الرصاص عليها كل ذلك في خندق واحد طويل يضم رفات ضحايا النظام البعثي.

 

 

صورة (2) أم عراقية تجمع عظام ابنها من إحدى المقابر الجماعية

 

 

ففي شهري نيسان و أيار عام 2003م ومع تقهقر القتلة البعثيين وانزوائهم في الظل , بدأ العراقيون يستعيدون أحزانهم الماضية الدفينة عن أحبائهم وذويهم الذين كان يتمُّ تجميعُهم في حملات من الرعب المتواصل عبر السنين , إذ كانوا يسمعون عن عمليات الدفن الجماعي , فبدأوا النبشَ في ركام الأرض لعلهم يعثرون على أبنائهم أو بعض من أجسادهم.

فبدأ اكتشاف عشرات المقابر الجماعية في النجف والحلة وكربلاء والناصرية ونينوى والسليمانية وأربيل وأغلب المدن العراقية.

اليوم بعد مضي أكثر من ثمانية عشرة سنة على تغيير نظام البعث تفاجئ العراقيون على إعلان مديرية شهداء النجف عن اكتشاف مقبرة جماعية تضمُّ رفاتاً بشرية في ناحية الرضوية, إذ أعلنت المديرية عن :

(العثور على المقبرة الجماعية أثناء إنشاء مجمع سكني جنوب مدينة النجف) وذلك في شهر نيسان تحديدا  في الرابع منه , ويعود تأريخها إلى مرحلة الانتفاضة الشعبانية في العام 1991 ضدّ نظام البعث الصدامي والتي أسفرت عن استشهاد الآلاف.

 

 

 

صورة (3) لفريق المقابر الجماعية في مديرية شهداء النجف أثناء العثور على المقبرة الجماعية

 

 

 

أمام مبانٍ قيد الانشاء، يستطيع أي شخص أن يرى العظام والجماجم البشرية موزعة ومرقمة على الأرض , لعراقيين قضوا في مقابر جماعية على يد النظام البعثي البائد , لا ليشء سوى لأنّهم عراقيون رفضوا أن يتمَّ هدر كرامة الإنسان على يد النظام البعثي البائد.

صورة (4) فريق المقابر الجماعية يبدأ بفتح المقبرة الجماعية وجمع ضحاياها للتعرف عليهم

 

 

 

وقال عبد الإله النائي مدير مؤسسة الشهداء وهي مؤسسة حكومية معنية بفتح المقابر الجماعية إن “في هذه المقبرة أكثر من مئة رفات , هذا عدد تقريبي ويمكن أن يكون العدد أكثر باعتبار أن مسرح الجريمة كبير جداً“.

وقد خصَّ الأستاذ ضياء الساعدي مدير دائرة المقابر الجماعية المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف بتصريح حول المقبرة المكتشفة حيث قال ” ما إن تم تناول اكتشاف المقبرة بادرت دائرة شؤون حماية المقابر الجماعية إلى إرسال فريق فني متخصص لإعداد تقرير فني حول المقبرة تمهيدا لفتحها “

صورة (5) النجفيون يقيمون مهرجاناً استذكارياً لمجزرة فندق السلام

وفي السياق نفسه أقام أهالي النجف الأشرف مهرجانا استذكاريا لمجزرة فندق السلام , يُذكر أنَّ هذا المكان شهد أيضاً مقبرةً جماعية قام بها أزلام النظام البعثي , إذ عثر تحت ركامه على مقبرة جماعية ضمّت مئات الشهداء .

ويروي النجفيون قصصاً كثيرة ومفجعة حول هذا المكان , إذ فقدوا أحبتهم وأبناءهم فيه , ومنهم من يبحث إلى اليوم عن جثمان ولده , وفي تصريح لإحدى المواطنات النجفيات وهي امرأة في الثامنين من عمرها “أم قاسم” تحمل صورة لابنها الذي فُقِدَ في هذا الفندق وما زالت تبحث عنه إلى اليوم قالت فيه ” إن ابنها خرج من البيت ولم يعد , وإلى اليوم لم تعثر عليه , وهي تأتي إلى هذا المكان بين فترة وأخرى وتطالب الحكومة في تحويل هذا المكان إلى متحف يضم قصص هؤلاء الشهداء وذكرياتهم وكل ما يتعلق بجرائم البعث الصدامي”

صورة (6) أم عقيل وهي تحمل صورة ابنها المفقود في المقابر الجماعية