banarlogo

الإرهاب في العقول والأفكار قبل الأعمال والإجرام

الإرهاب في العقول والأفكار قبل الأعمال والإجرام
الأستاذ الدكتور: سادسة حلاوي حمود
جامعة واسط
إذا أردنا أن نبحث عن جذور الإرهاب العالمي اليوم نجده في تلك البلاد التي زحف إليها مجرمو أوربا منذ أن اكتشفها كريستوف كولومبس بالصِّدفة، فصار ملجأ لكل هارب من العدالة، ومجرم معطِّشاً للجريمة، لا سيما وأنهم وجدوا في تلك الأرض شعباً بسيطاً بدائياً جداً هم الهنود الحمر، فأبادوه عن بكرة أبيه بدم بارد وأنشؤوا تلك الإمبراطورية التي قامت على الدماء، والأشلاء، ولذا تراها بعد أن تربَّعت على دست القيادة العامة للحضارة في أبَّان سقوط إمبراطورية الشرك السوفييتية في تسعينات القرن الماضي، فبدأت حربها العالمية الاستباقية على كل مَنْ ليس هو معها فهو ضدها، وراحت توزع الحروب والدمار والقتل والتشريد في كل مكان من هذه المسكونة.
الإرهاب في المنطقة والعراق
وابتلينا نحن أبناء هذه الأمة والمنطقة عامة والعراق خاصة بهؤلاء المجرمين الذين جاؤوا بكل ما لديهم من قوة وغطرسة وساعدهم هؤلاء الأشرار عندنا بكل ما لديهم من رجال ومال وغباء وجهل لأنهم أتباع أبو الجهل من أبناء أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية، ذاك العبد الرومي الآبق، الذي دفعوه ليكون ندَّاً وعدواً لهاشم الخير بعد أن رفض الزواج من ابنة هرقل الروم.
فكان فتنة متحركة هو ونسله الفاسد منذ أن ألحقه عبد شمس به وتبنَّاه ولداً له، فصار عدواً لعمِّه هاشم الخير، ثم لشيبة الحمد عبد المطلب، وهكذا وصلت العداوة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) والإسلام العظيم الذي أنزله الله على رسوله الكريم، بقرآنه الحكيم، فأعلن أبو سفيان موقفه الشهير: (إذن لا نؤمن به أبد الدَّهر)، وأعلنها حرباً شعواء لا هوادة فيها على الإسلام ورسوله، حتى خصمهم وانتصر عليهم في كل غزواتهم فدخلوا الإسلام مكرهين، وخرجوا منه طائعين في أول فرصة سنحت لهم.
الإرهاب في الأفكار
وذلك لأن الإرهاب حقيقته في الأفكار والرؤى وقبل أي شيء آخر إلا أنه عندما تترجم تلك الأفكار الجاهلية في الواقع يتحول الفكر إلى كفر، والجاهلية إلى ممارسة عملية باليد والسلاح، وهو ما يثير الرُّعب والرَّهبة في القلوب فيسمونه بالإرهاب، وهذا ما مارسه بني أمية وأتباعهم وشيعتهم في هذه الأمة منذ البداية الكارثية حين وصلوا إلى الخلافة والحكم فيها، فأخرجوا الناس من دين الله أفواجاً كما قالت تلك المرأة العراقية لمعاوية بن هند الهنود يوماً.
بداية الأفكار الإرهابية
ففي التاريخ الإسلامي وبعد أن انتصر الإسلام وقيادته الربانية على الجاهلية وقيادتها الشيطانية راح يظهر بعض الرؤوس المتحجرة من أعراب الجاهلية والمنافقين حيث نبغ وظهر قرن الشيطان كمسيلمة الكذاب، وسجاح، والعنسي، وغيرهم إلى أن ظهر المخذول بعض أئمة الظلال واخذ ينشر فيها فكر الضَّلال في الأمة الإسلامية، ولكن قوة الفكر الإسلامي أخمدته لعدة قرون إلى أن ضعفت وهزلت وغزاها الأوربيون بعد أن أنهكها الأتراك بجهلهم وغبائهم، فاخترعوا لها ديناً جديداً على أفكار إمام الظلالة ووضعوها بشخص خبيث من شياطين أدعياء الإسلام المتطرّف أيضاً وجاؤوا بيهودي من يهود بني قينقاع من البصرة وأسكنوه في الدرعية (الرياض) وتزاوج ذلك الفكر الضال المضل مع الممارسة العملية للإرهاب باليد واللسان وقد رعاه عملاء الاستعمار سياسياً، فظهر هذا الإرهاب العالمي الذي يسمونه “القاعدة وداعش”، وكل فصائلها وأشكالها وألوانها فهي جميعها نتجت من هذا الزواج السياسي بين تلك الأفكار التي تكيد بالإسلام والمسلمين باسم الدين الإسلامي.
وكل ما نراه في الواقع السياسي والعسكري والأمني وهذا الكم الهائل من الجرائم، والأنهار من الدماء الزكية تجري بأيدي هؤلاء الأشقياء وما عشناه، ونعيشه حتى اليوم من الإرهاب الداعشي، والنُّصرة، وأكثر من مئة وعشرين فصيلاً مقاتلاً في العراق والشام هو نتاج طبيعي لتلك الأفكار الإجرامية، التي تحوَّلت إلى ممارسات واقعية سوَّدت وجه التاريخ ومجزرة اسبايكر شاهدة عليهم.
لأن في الفكر الإسلامي الدِّماء مقدسة (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) (المائدة: 32)، والأعراض مصانة؛ (ومن مات دون عرضه فهو شهيد).
والأموال محصنة إلا بحقها.. وكل ذلك انتهكته هذه القطعان المجرمة نتيجة الفكر الضال والمنحرف التي تغذت عليه من ابن تيمية قديماً وابن عبد الوهاب حديثاً، وعززه لها الأفكار الصهيونية التي تحمل حقداً عجيباً على الإنسانية والبشرية من فكرها التوراتي العنصري من رب الجنود المتعطش للدماء دائماً وأبداً، لأنهم (شعب الله المختار)، فكل ما يحصل لدينا من هناك منبعه حيث قال رسول الله (ص): (الإيمانُ يَمانٍ، ألا إِنَّ القَسْوَةَ وغِلَظَ القُلوبِ في الفَدَّادِينَ؛ عند أُصُولِ أذْنابِ الإِبِلِ، حيث يَطلُعُ قَرْنا الشيطانِ؛ في رَبِيعةَ ومُضَرَ. (البخاري (3302)، ومسلم (51) والحديث صحيح)